ازدياد الخلاف حول نظم الدفاع الصينية المقدمة إلى تركيا

أنقرة — ازدادت حدة الخلاف الدولي حول اختيار تركيا، عضو حلف الناتو، لنظام صيني دفاعي مضاد للصواريخ وصواريخ أرض جو بعيدة المدى، وفي نفس الوقت يزداد تأكيد تركيا على قدرتها على حماية هيكل الدفاع الكلي لحلف الناتو من التدخل الصيني.

ولقد أعلنت تركيا في 26 سبتمبر اختيارها لشركة China Precision Machinery Import-Export Corp (CPMIEC)، لبناء أول نظام دفاع جوي بعيد المدى لتركيا، مما آثار موجة من الجدل عما إذا كان يمكن دمج النظام الصيني مع أصول الدفاع الجوي لحلف الناتو المتواجدة على الأراضي التركية.

ومنذ ذلك الإعلان، أدلى مسئولون من الولايات المتحدة وتركيا والناتو تصريحات متعارضة مع بعضها البعض حول ما إذا كان يمكن دمج النظام مع نظم الناتو، وإلى أي حد يمكن ذلك.

ولقد استطاعت الشركة الصينية المنافسة التغلب على فريق أمريكي من شركتي Raytheon وLockheed Martin، والذي قدم نظام الدفاع الجوي Patriot، وشركة Rosoboronexport الروسية، التي تعمل على تسويق S-300؛ واتحاد الشركات الإيطالية الفرنسية Eurosam، التي تصنع Aster 30.

كما أبدت واشنطن كذلك قلقها إزاء تدخل الشركة الصينية الرابحة لعقد دفاع تركي حديث في التكنولوجيا النووية، وذلك حسب تصريحات السفير الأمريكي في أنقرة فرانسيس ريكاردون، والذي أشار إلى إجراء الولايات المتحدة لمحادثات مع أنقرة في هذا الصدد.

ولقد أخبر ريكاردون الصحفيين، "نحن قلقون إزاء الشركة [الصينية] ودورها في انتشار تكنولوجيا الأسلحة النووية على مستوى العالم". وأضاف أيضًا "هذا النظام ليس ملكًا للناتو، والصين ليست عضوًا في الناتو. وهو ما يعد إحدى المشكلات [التي علينا مواجهتها]".

جدير بالذكر أن شركة CPMIEC تخضع لعقوبات أمريكية لانتهاكها لقانون حظر انتشار الأسلحة في إيران وكوريا الشمالية وسوريا.

كما أكدت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية، جين بساكي، للصحفيين في 30 سبتمبر أن "سبب القلق الرئيسي يتمثل في إجراء الحكومة التركية لمناقشات بشأن إبرام عقد مع شركة خاضعة لعقوبات أمريكية للحصول على نظام دفاع ضد الصواريخ لا يصلح للعمل مع نظم دفاع الناتو".

وعلى الصعيد الآخر، أكد أعلى مسؤول عن تدبير الموارد بتركيا أن النظام الصيني قابل للتشغيل مع أصول حلف الناتو المتواجدة في تركيا.

وقد ذكر السيد مراد بايار، رئيس وكالة وزارة الصناعات الدفاعية، معلقًا، "كجزء من البرنامج، سيتم تكليف شركة تركية تعمل في مجال الدفاع بمهمة دمج نظام الدفاع الجوي في شبكة تتولى القوات الجوية التركية تشغيلها. ويعني ذلك دمج نظام الصواريخ الجديد في أصول حلف الناتو، حيث إن النظام التركي مدمج بالكامل في نظام الناتو". وأضاف أيضًا "لقد كان الدمج الكامل في أصول حلف الناتو شرطًا صريحًا ضمن المواصفات".

وذكر بايار أن العرض الصيني بلغ 3.44 مليار دولار. وذكر أنه "في حالة فشل مفاوضات التعاقد مع CPMIEC، سنقوم بفتح باب المحادثات مع المنافس الآخر، شركة Eurosam، وفي حالة تعثرها هي الأخرى، سننتقل إلى الشركة مقدمة العطاء الأمريكية". وأضاف "تم إقصاء الخيار الروسي".

كما أضاف بايار أنه لن يكون هناك "تدفق معلومات عكسي" بعد تثبيت النظام الصيني في تركيا وتوصيله بالبنية التحتية لحلف الناتو. "ينبغي على حلفاؤنا من دول الناتو الوثوق بنا في تشغيل هذا النظام بما يتوافق مع قواعد الناتو، تمامًا كما يولونا ثقتهم حاليًا. إن الدمج مع أصول الناتو لا يعني بأي حال من الأحوال وصول الصين إلى التكنولوجيا السرية الخاصة بحلف الناتو".

ولقد ذكر السيد عصمت يلمظ، وزير الدفاع التركي، أن الصفقة الجاري التفاوض بشأنها مع CPMIEC لم تنته بعد، الأمر الذي يتوافق مع ملاحظات باير. ولقد ساند القرار التركي بقوله لقد قدمت الشركة الصينية أفضل سعر.

وفقًا إلى بايار، وقع اختيار تركيا على الحل الصيني لتفوقه على العطاءات المنافسة له على صعيد "السعر والتكنولوجيا وحصة العمل المحلي ونقل التكنولوجيا وشروط تمويل الاعتماد". وأردف أن "العطاء الصيني يتفق على نحو ممتاز مع البنود والشروط التي وضعناها".

يتكون البرنامج التركي من وحدة رادار ووحدة إطلاق وصواريخ اعتراض. ولقد تم تصميم البرنامج للتصدي لطائرات وصواريخ العدو. هذا مع العلم أن تركيا لا تمتلك نظام دفاع جوي طويل المدى.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الناتو هو من سدد تكلفة ما يقرب من نصف عناصر رادار الدفاع الجوي القائم على الشبكة التركية، وأنه يمثل جزءًا من البيئة البرية للدفاع الجوي التابعة لحلف الناتو. وبدون موافقة الناتو، سيكون من المحال على تركيا أن تنجح في تشغيل النظام المخطط له بدون تلك الأصول، وذلك وفقًا لبعض المحللين.

وللدفاع ضد تهديدات الصواريخ، تحتاج تركيا إلى قمر صناعي ونظام رادار مخصص للكشف عن الصواريخ الباليستية وتعقبها مثل رادار الناتو الذي تم نشره العام الماضي في كوريسيك بجنوب شرق تركيا.

وفيما يخص العنصر المضاد للطائرات، يقول المحللون أن تركيا تحتاج إلى نظام متكامل لدمج البيانات. ويمكن لنظام Patriot، على سبيل المثال، الكشف عن التهديدات بمساعدة جهاز الرادار الخاص به، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الصيني. لكن بدون الاندماج في إطار نظام جوي متكامل، لا يمكن للنظام الصيني العمل بكفاءة.

لكن وفقًا إلى السيد بايار، ستكون المهمة الرئيسية للنظام المخطط له هي الدفاع الجوي، بينما تحتل مهمة مقاومة الصواريخ المرتبة الثانية.

ولقد علق وكيل الوزارة قائلًا، "سيفي النظام المعتمد بمتطلباتنا العملياتية"، وأضاف "إن أولويتنا هي أن يتوفر لدينا نظام وطني. ولقد تعهدت الشركة الصينية بمنحنا كافة بيانات واجهة الاستخدام التي ستحتاجها الشركة التركية لدمج النظام بالأصول التركية".

Read in English

...قد ترغب أيضا