مجلس الوزراء الإسرائيلي يمعن النظر في تضاءل الخيارات

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلوح بيده خلال مراسم أداء اليمين لحكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة في مدينة رام الله بالضفة الغربية في 2 يونيو. (عباس المومني / موقع جيتي إيميدجز)

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلوح بيده خلال مراسم أداء اليمين لحكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة في مدينة رام الله بالضفة الغربية في 2 يونيو. (عباس المومني / موقع جيتي إيميدجز)

تل أبيب — يقول الخبراء هنا أن رفض إسرائيل الشديد للحكومة الفلسطينية المدعومة من حماس الجديدة لا يجب أن يكون سببًا في توقف خدماتها العسكرية والسرية من استمرار التنسيق الأمني ​​مع القوات تحت قيادة سلطات حركة فتح في رام الله.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” قد ناشد القوى العالمية من أجل مقاطعة هذه الحكومة، والتي تم إنشاؤها في 2 يونيو من أجل رأب الصدع الذي استمر لسبع سنوات بين قادة المقاومة الإسلامية في غزة والسلطات العلمانية بقيادة فتح في الضفة الغربية.

ولكن بعد فشله في إقناع واشنطن والاتحاد الأوروبي وأربعة أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين الاخرين لرفض حكومة التوافق، تعهد، رئيس الوزراء الغاضب و “المنزعج بشدة”، بإلقاء المسؤولية المباشرة على رئيس السلطة الفلسطينية الرئيس “محمود عباس” بشأن الهجمات الإرهابية النابعة من ولاية لم الشمل والتوافق الذي قام بها.

أعلن مكتب نتنياهو يوم 2 يونيو أن مجلس الوزراء الاسرائيلي أذن، بالإجماع، لرئيس الوزراء بفرض عقوبات إضافية على السلطة الفلسطينية.

وهذا يؤكد من جديد على رفض الحكومة للتفاوض مع حكومة تدعمها حماس وهي “منظمة إرهابية تدعو إلى تدمير اسرائيل.”

قرر مجلس الوزراء أيضًا “تشكيل فريق للنظر في طرق العمل مع الأخذ في الاعتبار الواقع الجديد الموجود حاليًا.”

وبخلاف موافقتها على إنشاء 1500 وحدة سكنية جديدة في 4 يونيو في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومباني إضافية أخرى سيتم إنشائها، قال مسؤول حكومي أن الإجراءات العقابية يمكن أن تشتمل على قطع الكهرباء التي توفرها إسرائيل إلى قطاع غزة وحملة في الكونجرس الأمريكي من أجل إلغاء التمويل للسلطة الفلسطينية.

ولكن في حين تدرس حكومة نتنياهو خطط الطوارئ لنزع الشرعية — وربما مكافحة — نظام الحكم الجديد الذي يمثل حماس، فإن الخبراء هنا يحذرون من أن خيارات إسرائيل تتضاءل.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها إسرائيل لإلقاء اللوم على عباس بشأن فشل محادثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة، وهي آخر رفض دبلوماسي من قِبل المجتمع الدولي الذي يترك اسرائيل وحدها تقريبًا للتعامل مع عواقب التقارب المحتمل بين حماس وفتح.

وقال “ألون بينكاس”، وهو مفاوض الحكومة الإسرائيلية السابق مع الفلسطينيين والذي ترأس القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، أن: “الحكومة ليس لديها الكثير من الخيارات ولا حتى الأصدقاء.”

وأضاف “بينكاس” أن: “نتنياهو لديه خيار واحد فقط، وهو أن يدخل في عملية السلام، حتى لو لم تؤدي إلى أي شيء. ولكن ماذا حدث؟ لقد تفوقت عليه حماس.”

وفي مقابلة له في 5 يونيو، أشار “بينكاس” إلى صلاحية المتشددين المعارضين للحكومة للتفاوض مع السلطة الفلسطينية لأنها لم تمثل الفلسطينيين في غزة. “ولكن الآن، مع امتداد نفوذ السلطة الفلسطينية، بدرجة معينة، إلى غزة، بدلًا من التصفيق لهذا التوافق باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح، فقد لجأت هذه الحكومة لتوجيه تهديدات جوفاء.”

حتى كبار الضباط العسكريين هنا يحذرون قادة الحكومة ضد اتخاذ إجراءات يمكن أن تزيد من زعزعة الاستقرار في الضفة الغربية. وعلى وجه التحديد، يناشد ضباط الجيش الحكومة من أجل عدم الحد من التنسيق الأمني ​​مع القوات التي تقودها فتح في الضفة الغربية.

كما أخبر ضابط كبير في هيئة الأركان العامة لقوات الدفاع الإسرائيلية صحيفة Defense News: “إننا بحاجة إلى نزع السلاح عن السلطة الفلسطينية، وجعلها من دون شركاء استراتيجيين وفعّالة بدرجة كافية من أجل التعامل مع احتياجاتهم في مكافحة الإرهاب.”

واستشهد ضابط بالسياسة التشغيلية المتكررة من الجنرال “غابي اشكنازي”، ورئيس الاركان السابق، الذي أيد العلاقات الامنية مع القوات الأمنية الفلسطينية التي تمولها الولايات المتحدة وتدربها الأردن. وقال إنه كلما فعلوا أكثر، قمنا بفعل أقل منهم. وهذا لا يزال ساري المفعول.”

وقال الضابط: “الآن إذا لم يفعلوا أي شيء أو لم يفعلوا ما يكفي أو سمحوا لأنفسهم بالتعرض للخطر من قِبل العناصر الإرهابية، لن يكون لدينا أي خيار سوى أن نلجأ إلى القوات اللازمة للتعامل مع المشاكل التي قد تنشأ عن ذلك.”

وقال “آفي مزراحي”، قائد الجيش الإسرائيلي السابق اللواء المتقاعد لمسرح العمليات القتالية الذي يشمل الضفة الغربية، أنه على الرغم من هذا التوافق الكبير، فهو لا يتوقع أن تسمح فتح لأعضاء حماس أو المتعاطفين معها بالتواجد في صفوف قواتها الأمنية.

وأضاف: “انهم يعرفون اللحظة التي يسمحون لحماس بتولي القيادة، وبقائهم على قيد الحياة على المحك. فتح تخشى من حماس أكثر من خوفها منا.”

وفي مقابلة له في 5 يونيو، قال “مزراحي” أن التوقف الحاد في التنسيق الأمني ​​بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بمثابة “الرياح المساعدة” لحماس للاستيلاء على الضفة الغربية.

وتساءل “مزراحي” أيضًا: “ما هو البديل؟  إذا لم يكن هناك تنسيق أمني، سيتعين على الجيش الإسرائيلي استثمار مبالغ ضخمة من المال في بناء قوة إضافية ونسق تشغيلي. وهذا هو بالضبط ما لا تحتاج إليه الحكومة في خضم أزمة الميزانية الحالية … حتى لو كانت على استعداد للمخاطرة بالعواقب الدبلوماسية بسبب مثل هذا الإجراء.”

وفي مؤتمر صحفي في رام الله في 29 مايو، أصر “عباس” على أن التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل من شأنه أن يستمر في ظل حكومة التوافق الوطني. وقال “عباس” أن: ” الترتيبات الأمنية شيء مقدس للغاية، نعم هي شيء مقدس وسنواصل مثل هذه الترتيبات.”

وفي عموده الأسبوعي في صحيفة يديعوت احرونوت الذي نُشر في 6 يونيو، وهي أكبر صحيفة إسرائيلية يومية، أشار المحلل المخضرم “ناحوم برنيع” أن كلا من نتنياهو وعباس يتحدثان بصوت عال جدًا ضد بعضهما البعض، ولكنهما يحملان عصا صغيرة للغاية.

وكتب برنيع، أن: “أبو مازن يدرك أنه يمكن أن يهاجم اسرائيل في خطاباته كما لو أن هناك حربًا، ولكن مواصلة التعاون مع إسرائيل كما لو كان هناك سلام.”

كما أشار أيضًا إلى أن مناشدة نتنياهو للزعماء الأجانب إلى مقاطعة الحكومة الجديدة هو أمر مخادع. “تخيل أن أنجيلا ميركل أو فرانسوا هولاند اهتما بموقف نتنياهو وأوقفا دعمهما والتمويل الكبير للسلطة الفلسطينية.  فالحكومة الإسرائيلية ستجد صعوبة في التعامل مع هذه الضربة.”

ومع ذلك، فالقادة الإسرائيليين يواصلون الضغط من أجل الرفض الدولي لحكومة التوافق الجديدة.

وأصر وزير الدفاع “موشيه يعلون” أثناء حديثه في 5 يونيو مع ملحقين وزارات الدفاع في إسرائيل، أن المصالحة الفلسطينية لن تؤدي إلى سيطرة فتح على غزة أو إلى حكومة معتدلة ترفض الإرهاب والعنف.

وقال “يعلون”: “بالنسبة لنا فالأمر واضح للغاية: أبو مازن لن يسيطر على قطاع غزة. إذا كان يتوافق مع حماس فنحن سوف نجبره على السيطرة على غزة وتجريد حماس من أسلحتها. وإذا لم يفعل هذا، فإنه يعني أن هذه المصالحة هي الواجهة التي تهدف إلى خداع العالم.”

وفي جهود رامية إلى تخفيف القلق الإسرائيلي، أصر وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” أن واشنطن سوف تقوم بتقييم الحكومة الجديدة على أساس يومي للتأكد من أنها تتوافق مع القانون الأمريكي.

وكان يشير الى قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني لعام 2006 والقيود المفروضة على التمويل من قانون الاعتمادات الشامل لعام 2014، والذي “يحظر المساعدات الأمريكية لحماس أو أي حكومة تقاسم السلطة وتعتبر حماس عضوًا فيها أو يكون لحماس تأثير كبير عليها.”

وقال “كيري” في حديث للصحفيين في بيروت في 4 يونيو، أن “عباس أوضح أن هذه الحكومة التكنوقراطية الجديدة تلتزم بمبادئ اللاعنف والمفاوضات والاعتراف بدولة اسرائيل وقبول الاتفاقات السابقة … وأنها سوف تستمر في التعاون الأمني ​​مع إسرائيل المتفق عليه سابقًا.”

وأضاف أن المسؤولين الأمريكان تأكدوا من ادعاءات عباس أن حكومة التكنوقراط المؤقتة لا تتضمن أي وزراء ينتمون إلى حركة حماس.”

البريد الإلكتروني: bopallrome@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا