إطلاع القادة العرب على طريقة روسيا الجديدة

Photo 1 Russia

نظرة جديدة على الولايات المتحدة: اجتمع وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويجو” مع القادة العرب في أواخر مايو في مؤتمر الأمن الدولي في موسكو. (أولي سكارف/ موقع جيتي إيميدجز)

 

دبي — اطلع مسؤولون عرب على طريقة الأمن القومي الروسي الجديدة في موسكو، والتي تركز على الانتفاضات والثورات العالمية التي أثرت على العالم العربي ومناطق أخرى مثل أوكرانيا.

ترى هذه الطريقة أن الولايات المتحدة وحلفائها هم من يخططون لهذه الثورات والانتفاضات في المناطق الرئيسية حول العالم لزعزعة استقرار الحكومات واستبدال الأنظمة القائمة من أجل بسط سيطرتها واستغلال الموارد الطبيعية. وعلاوة على ذلك، فإن الطريقة تعامل الولايات المتحدة على أنها دولة خطيرة تسعى إلى تفكيك الدولة الروسية.

وقد اطلع على هذه الطريقة ممثلون عسكريون على مستوى عالِ من الجزائر ومصر وليبيا ولبنان وسوريا والإمارات العربية المتحدة في مؤتمر موسكو الثالث للأمن الدولي في 23 و24 مايو.

وأخبر وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويجو” المفوضين من 41 دولة ومنظمة دولية أن الانتفاضات التي تنتشر في أنحاء العالم قد تم تصميمها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لزعزعة استقرار الحكومات واستغلال الموارد.

 وقال “شويجو” أن العمليات الأمريكية والغربية من خلال قوات العمليات الخاصة، وعمليات الاستخبارات والشركات العسكرية الخاصة عملوا معًا لحدوث هذه الانتفاضات، التي وصفها بأنها “الثورات الملونة”.

وقال “تيودور كاراسيك”، مدير الأبحاث والتحليل في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري، أن الثورة الملونة هو مصطلح يستخدم على نطاق واسع لوصف الحركات ذات الصلة التي ظهرت في الاتحاد السوفياتي السابق ودول البلقان في مطلع عام 2000.

وأوضح أنه: ” تم تطبيق هذا المصطلح على عدد من الثورات في أماكن أخرى، بما في ذلك في الشرق الأوسط، وأطلق بعض المراقبون على الأحداث مطلح موجة ثورية، والتي يمكن أن ترجع أصوله إلى ثورة سلطة الشعب في عام 1986، والمعروفة أيضًا باسم “الثورة الصفراء” في الفلبين.

وقال “كاراسيك” أن في موسكو، تقوم نخبة الأمن الروسية بصياغة الطريقة الأمنية والسياسة الخارجية الروسية الجديدة على أساس الحاجة إلى تحديد وتحذير العالم من رغبات الولايات المتحدة والغرب للاستيلاء على الدول الرئيسية طبقًا لسياسة التوسع الجيوسياسية.

وقال أيضًا: “يفسر الروس تدخل الولايات المتحدة في بلدان مثل أوكرانيا والشرق الأوسط مثل مصر وسوريا وشمال أفريقيا وحتى فنزويلا، بأنها عمليات لأخذ ثرواتهم الطبيعية وتحويل سكانها نحو نزعة إلى الرقابة الغربية.

وأضاف أن: “الروس، بالإعلان عن هذه الطريقة الجديدة بهذه الشروط الواضحة، فهي تعلن بذلك عن عزمها على مواجهة هذا النشاط [بزعزعة استقرار الحكومات عن طريق الانتفاضات الشعبية] عن طريق إجراء مزيد من الأبحاث والتحليلات، وفي نهاية المطاف التوصل إلى سياسات مضادة.”

ويزعم “شويجو” أن الثورات الملونة صُممت من قِبل قوات عمليات الاستخبارات، وقوات العمليات الخاصة وشركات الأمن الخاصة. وقال إن هذه العمليات تخلق فجوات في القيادة وتؤدي إلى الفوضى.

وأخبر “شويجو” الحضور أن: “فشل الغرب في فرض القيادة بعد هذه العمليات تسبب في الفوضى وهذا ما نشهده اليوم في عدد من بلدان مختلفة في جميع أنحاء العالم.”

وأضاف أن الربيع العربي قد تسبب في حدوث انقسامات في مختلف أنحاء المنطقة، والآن ينتشر في غرب أفريقيا. “وما يحدث في مالي هو في الواقع ثورة ملونة حيث توجد ثورة يفرضها الغرب تدمر مالي.”

وأضاف أن الاستخدام التكّيفي للقوة— والذي يتغير وفقًا لطبيعة الصراع، والمنطقة أو الموقف الذي توجد فيه المجموعة، والاستخدام السري للقوة من قبل الشركات العسكرية الخاصة — هو أسلوب جديد يتم استخدامه في تعزيز وجودهم في مناطق الصراع وهو السبب في أن الفوضى تظهر في هذه الدول الثائرة.

وأطلع مسؤولون في المؤتمر أيضًا على كيفية مواجهة روسيا لهذه العمليات عن طريق استخدام عمليات الاستخبارات الخاصة بها لتحقيق الاستقرار في الحكومات.

وقال “شويجو” أن استخدام الشبكات والمعلومات أمر بالغ الأهمية من أجل مواجهة التأثيرات الأمريكية والغربية.

وهذا يشمل مبيعات الأسلحة إلى الدول التي تشهد صراعات، وبناء تحالف مع القوى العسكرية والاقتصادية الكبرى، وإنشاء نظام اقتصادي بديل يفصل حلفاء روسيا عن الأنظمة المالية الغربية.

ولم يتضح في المؤتمر الصحفي كيف كان رد فعل المفوضين بشأن تصريحات “شويجو”.

وقال “كاراسيك” أن الطريقة الروسية الجديدة سوف تعترض العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط شمال أفريقيا.

وذكر أنه: “من المحتمل أن تضطر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاختيار أي من الدول المتطورة سوف تكون قادرة أكثر على تحقيق التوازن. وبشكل عام، فإنه يبدو أن روسيا تأمل أن طريقة الثورات الملونة العالمية سوف تتناسب بشكل جيد مع دول الشرق الأوسط التي ألقت اللوم على الولايات المتحدة والغرب لتدميرهم دول المنطقة.”

وتزداد علاقات روسيا أيضًا، بشكل ملحوظ، مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى حتى بعد بداية الثورة السورية في عام 2011.

ووفقًا لــ “يوري بارمين”، المحلل في مركز “دلما” بالإمارات العربية المتحدة التابع لمركز الأبحاث والدراسات “Think Tank”، فإن الكرملين تقوم ببناء علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2007 لعدة أسباب بما في ذلك منع “الأيديولوجيات الجهادية” في مناطقها المسلمة.

وكتب “بارمين” في ورقة بحثية نُشرت هذا العام، أن: “هناك عدد من الأسباب لهذه العلاقة الناشئة. أولًا، موسكو تريد السيطرة على علاقات دول مجلس التعاون الخليجي التي أقامتها مع المناطق المسلمة في روسيا لمنع انتشار الأيديولوجيات ‘غير مرغوب فيها’. ثانيًا، في ضوء العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضت على موسكو، فإن الروس يبحثون على وجه السرعة من أجل تعزيز التجارة مع الشرق الأوسط والاقتصاديات المزدهرة في آسيا.”

وقال إنه حتى الآن، لا تزال العلاقات التجارية الكبيرة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي غير محققة.

“وفي عام 2012، بلغ حجم التجارة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي 2.5 مليار دولار فقط، وهي قيمة منخفضة جدًا بالمقارنة مع قيمة التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين والتي بلغت 150 مليار دولار. وتعمل موسكو لمعالجة هذا العجز، والذي لا يمكن أن يأتي في وقت أكثر أهمية من ذلك. كما أن تدهور العلاقات مع بروكسل وواشنطن، نتيجة لأزمة القرم، يعني أن التجارة مع الغرب سوف تنخفض وسوف يبتعد المستثمرون عن روسيا في المستقبل القريب.”

وأضاف “بارمين” أن هدف روسيا الأساسي هو التأثير على سياسات دول الخليج العربي تجاه القضايا الأخرى في الشرق الأوسط.

وكتب أنه إذا كانت موسكو يمكنها حل خلافاتها مع ممالك الخليج بشأن قضايا الصراع السوري والمفاوضات النووية الإيرانية، فإن ستقوم بخطوات كبيرة نحو إطاحة الولايات المتحدة باعتبارها القوة المهيمنة في المنطقة.

وقال دبلوماسي أوروبي مقيم في الإمارات العربية المتحدة، أنه على الرغم من التواجد الروسي في المنطقة والخوف الواضح من سياسات الولايات المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة تسعى للحصول على الطريقة الصحيحة لبناء دول مجلس التعاون الخليجي بشكل متكامل.

وأوضح أن “الولايات المتحدة تحاول أن تفعل في دول مجلس التعاون الخليجي ما فعلته في أوروبا، منطقة متكاملة، وواحدة من الخطوات الأولى نحو تحقيق ذلك هي العقيدة العسكرية المتكاملة.”

وأضاف أنه على الرغم من ذلك، لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي على خلاف عندما يتعلق الأمر بمشاركة المعلومات والسياسات.

“إن الولايات المتحدة تلعب لعبة طويلة الأمد سوف تعود بالنفع على دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن أوروبا ستظل خارج الصورة على الأقل في المستقبل المنظور نظرًا لظهور الأزمة الاقتصادية وعودة ظهورها في شكل أزمة سياسية.”■

البريد الإلكتروني: amustafa@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا