تزايد المخاوف بشأن النظام الدفاعي التركي-الصيني

أنقرة قرار تركي بتفويض شركة صينية لبناء أول درع دفاعي جوي مضاد للصواريخ طويل المدى يفتح الباب أمام العديد من التحديات أمام الحلفاء الغربيين لتركيا، على الصعيدين السياسي والعسكري، وذلك وفقًا لمحللين دفاع ودبلوماسيين غربيين.

وهو الأمر الذي دفع بملحق دفاع لحلف الناتو في أنقرة إلى التساؤل "كيف يمكن لأنقرة، والتي تتمتع بحماية أصول الناتو، تجاهل مخاوف التحالف وتختار بناء نظام دفاع جوي على يد بلد غير صديقة؟"

ولقد أعلنت تركيا في 26 سبتمبر أنها منحت عقدًا مبدئيًا بقيمة 4 مليار دولار لتشييد نظام دفاع جوي إلى شركة China Precision Machinery Import-Export Corp (CPMIEC)، صانعة نظام HQ-9.

ولقد حققت شركة CPMIEC فوزًا على الشراكة الأمريكية بين شركتي Raytheon وLockheed Martin، والتي تقدم نظام الدفاع الجوي Patriot، وشركة Rosoboronexport الروسية، التي تعمل على تسويق نظام الصواريخ S-300؛ واتحاد الشركات الإيطالية الفرنسية Eurosam، المصنعة لمنصة/قاعدة إطلاق الصواريخ أرض – جو Aster 30. ولقد ذكرت مصادر مطلعة في الصناعة أن العرض الصيني سيكلف تركيا ما بين 3 و3.5 مليار دولار، إلا أن المسئولين لم يقوموا بتأكيد السعر.

في فبراير، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على شركة CPMIEC لانتهاكها لقانون حظر انتشار الأسلحة في إيران وكوريا الشمالية وسوريا.

يتكون البرنامج التركي من جهاز رادار ووحدة إطلاق وصواريخ اعتراض. ولقد تم تصميم البرنامج للتصدي للطائرات وصواريخ العدو. وتجدر الإشارة هنا إلى عدم امتلاك تركيا لنظام دفاع جوي طويل المدى.

ولقد أقر مسئول تدبير موارد تركي بعدم معرفة أنقرة تمامًا حتى هذه المرحلة بمستوى الدمج الذي يمكن تحقيقه بين نظام الدفاع الجوي المخطط له وأصول الناتو والأصول الوطنية الموجودة بحوزة تركيا. ولقد قال معقبًا "سوف نسعى جاهدين لجعل هذا النظام نظامًا وطنيًا، وليس نظامًا صينيًا، على الرغم من استخدامنا للتكنولوجيا الصينية". هذا ولم يعلق المسئول على ما إذا كان يمكن دمج النظام المقترح ضمن أصول الناتو المتمركزة في تركيا.

إلا أن بعض الخبراء والمحللون والمسئولون أكدوا على عدم احتمال تحقيق هذا الاندماج مع أصول الناتو. فوفقًا لمسئول دفاع غربي، "يمتلك الناتو الإمكانيات الفنية لعزل هيكل الدفاع الجوي التركي عن طريق حرمان تركيا من بيانات الواجهة اللازمة لتحقيق أي عملية دمج".

ولقد ذكر أحد الأتراك المتخصصين في صناعة الدفاع والمقيم في لندن أن الأمر سينتهي بتركيا على الأغلب بامتلاكها نظام مستقل. وقال معقبًا "سوف ترفض الدول الأعضاء في الناتو أي تعاون مع تركيا لدمج النظام الصيني مع الأصول الخاصة بالتحالف المنتشرة في تركيا. وهو ما سيؤدي بالنظام التركي المخطط له إلى وضع مستقل لا طائل منه".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الناتو هو من سدد تكلفة ما يقرب من نصف عناصر نظام الدفاع الجوي القائم على الشبكة في تركيا. وأنه يمثل جزءًا من البيئة البرية للدفاع الجوي التابعة لحلف الناتو. وبدون موافقة الناتو، سيكون من المحال على تركيا أن تنجح في تشغيل النظام المخطط له مع تلك الأصول.

وللدفاع ضد تهديدات الصواريخ، تحتاج تركيا إلى قمر صناعي ونظام رادار مخصص للكشف عن الصواريخ الباليستية وتعقبها، مثل رادار الناتو الذي تم نشره العام الماضي في كوريسيك بجنوب شرق تركيا.

وفيما يخص العنصر المضاد للطائرات، يقول المحللون أن تركيا تحتاج إلى نظام متكامل لدمج البيانات. ويمكن لنظام Patriot، على سبيل المثال، الكشف عن التهديدات بمساعدة جهاز الرادار الخاص به، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الصيني. بيد أنه بدون الاندماج تحت إطار نظام جوي شامل، لا يمكن للنظام الصيني العمل بكفاءة.

ويذكر أحد محللي الدفاع هنا "أن اقتطاع نظام الدفاع الجوي من أصول الناتو سيعني خسارة تركيا لنصف إمكانيات الرادار الخاصة بها." كما أضاف أن تركيا ستكون في حاجة إلى بيانات الواجهة لتجعل نظام الدفاع الجوي الخاص بها قابل للعمل المتبادل مع أصول الناتو، وبصفة رئيسية البيانات المعنية بتعريف نظم الحلفاء أو الأعداء. "وهي ما تعد من أدق الأسرار ولا يمكن تثبيتها في أي نظام صيني".

كما تعتبر تلك الخطوة التركية بمثابة تحدي سياسي لحلفاء الدولة من البلدان الغربية.

وفقًا لسفير أوروبي لحلف الناتو، "هذا ولا شك بمثابة إيماءة إلى منظمة شنغهاي للتعاون الأمني (SCO) ورسالة قوية لحلفاء تركيا من دول الناتو….مفادها أن تركيا لن تظل الحليف الوفي الذي كانت عليه فيما مضى".

تتمثل الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون الأمني (SCO) في الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزباكستان. في عام 2012، حصلت تركيا على وضع شريك حوار في المنظمة. وكما ذكر رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، تسعى تركيا هذا العام إلى الحصول على عضوية منظمة شنغهاي للتعاون الأمني (SCO)، وهي المنظمة التي طالما تم اعتبارها منافسًا لحلف الناتو.

إلا أن بعض المحللين يؤكدون أن منح العقد إلى شركة CPMIEC لا يعني بالضرورة إنه سيصبح ساريًا وأن تركيا ستقوم في النهاية ببناء نظام قائم على التكنولوجيا الصينية.

حسب أحد المصادر، "في اللحظة الراهنة، متوسط مدة التفاوض على نظام تدبير الموارد التركي [بعد الإعلان عن الفائز بالعقد] يناهز العامين. ولقد كان هناك العديد من المفاوضات التي باءت بالفشل قبل التوقيع على العقود. حتى عقب توقيع العقود، فشلت بعض البرامج في التحقق على أرض الواقع، وهو ما يعد احتمالًا راجحًا بالنسبة لهذا العقد كذلك".

Read in English

...قد ترغب أيضا