دول الخليج تقيّم التقارب الإيراني الأكثر انفتاحًا

Seyed Hossein Mousavian (Princeton University).

سيد حسين موسويان (جامعة برنستون).

 

دبي – ربما اتخذت سياسة إيران الخارجية منحىً براجماتيًا، لكن هذا لم يمنع من وقوع نقاش حاد في قمة الأمن الإقليمي “حوار المنامة” التي عُقدت بين يومي السادس والثامن من ديسمبر في العاصمة البحرينية.

قال سيد حسين موسويان، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن “دول الخليج، وحلفاء أمريكا في المنطقة العربية، والقوى الدولية” قد فشلت في جهودها للسيطرة على الخليج.

وقال موسويان، وهو الآن باحث مشارك في كلية وودرو ويلسون للشون العامة والدولية بجامعة برينستون، أن هناك حاجة لإعادة ترتيب المنطقة للتركيز على المخاوف الأمنية الرئيسية لكل دولة.

وأضاف قائلًا: “لقد كان الشرق الأوسط ولا يزال في حالة اضطراب في ظل تنافس القوى العالمية للسيطرة على المنطقة، في حين تعمل التنافسات الإقليمية على إعادة تشكيل المشهد الجغرافي السياسي. “ويتفاقم هذا الوضع جراء عدم وجود نظامٍ للتعاون الإقليمي يهدف لمعالجة القضايا الأمنية”.

وقال أن المصدر الرئيسي للتوتر الإقليمي هو العلاقات المشوهة بين الولايات المتحدة وإيران.

وصرَّح قائلًا: “اتُهمت إيران بمحاولة تصدير ثورتها إلى المنطقة؛ وعلى أساس هذا الافتراض الهادف لاحتواء إيران، خاضت الولايات المتحدة وحلفائها حروبًا مع إيران لأكثر من ثلاثة عقود كانت تكلفتها في الدماء والأموال باهظة، وكانت النتيجة النهائية أن صارت الولايات المتحدة وحلفائها في وضع أسوأ حالًا مما كانت عليه عندما بدأوا”.

وسرد موسويان هذه الإخفاقات بما فيها “فشل الولايات المتحدة في تغيير النظام في إيران. وفشل المملكة العربية السعودية في دحر المد الشيعي في المنطقة. وفشل دول الخليج في أن تكوّن نظامًا إقليميًا تعاونيًا شاملًا وفاعلًا…

“يظل السلام العربي الإسرائيلي بعيد المنال كما كان دائمًا. فشلت إيران في تحرير فلسطين،  وفشلت في مصر في الحفاظ على الديمقراطية… وفشلت الولايات المتحدة في تأسيس امبراطورية أمريكية في الشرق الأوسط. وفشل الغرب في حماية بعضٍ من حلفائه الاستبداديين في المنطقة”.

 وقد أثارت تصريحات موسويان رد فعل فوري في الحوار من الأمير تركي الفيصل، المدير السابق لجهاز المخابرات السعودي.

وقال “أضيف إخفاقًا آخر للجهود الإيرانية،  وهو الفشل في تصدير الثورة”.

وقال تركي أنه سعيد لرؤية متحدثين من إيران يتراجعون عن خطاب الحرب الباردة الذي طالما استخدموه.

وأضاف: “لم نعد نسمع عن الشيطان الأكبر، ولا نسمع حتى عن الشيطان الأصغر. وسواءً رضينا بذلك أم لا، وسواءً كان الأسطول الأمريكي أو الروسي أو البريطاني أو الفرنسي أو الهندي… فإنهم سيأتون إلى الخليج لأجل مصلحتهم الخاصة. لذا فإن القبول بالواقع والعمل مع كل هذه الدول لضمان وجود أمن حقيقي لنا جميعًا في منطقة الخليج هو تطور مرحب به” من إيران.

وقال موسويان أن إعادة ترتيب منطقة الخليج ليس ممكنًا إلا إذا احترمت الولايات المتحدة وقوى العالم الأخرى دور إيران ومصالحها المشروعة في الخليج والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا.

 وأضاف “من بين كل الصراعات في المنطقة فإن الصراع الذي يؤلب الولايات المتحدة ضد إيران يعتبر أكبر الصراعات، وحل هذا الصراع يمكن أن يفتح الأبواب أمام الأمن والاستقرار الذي يمتد شمال أفريقيا إلى آسيا الوسطى. إن حالة الوهن التي تشعر بها كل من الولايات المتحدة والمنطقة بعد عقود من السعي خلف أهداف متشددة هو سبب رئيسي يدعو للشروع في منهج جديد تجاه إيران”.

وقال موسويان “إن هدف إيران في المفاوضات الإيرانية ليس مجرد تخفيف العقوبات، لكن إحداث انفراجة في العلاقة مع المنطقة والغرب.

تحتاج كل من إيران والسعودية إلى إدراج تأثيرهما الطبيعي ودورهما وملصحتهما في المنطقة، إلى جانب زيادة مستوى الاحترام الذي تستحقه كلٌ منهما”.

ودعى موسويان الولايات المتحدة إلى دعم العلاقات السعودية الإيرانية الودية والمساعدة في إقامة نظام تعاون إقليمي.

“هذا التغير في النهج المُتبع يمكن أن يأتي بنتيجة إيجابية ليس فقط لإيران والولايات المتحدة، بل للمنطقة بأكملها.. وهذا هو السبب في أن الاتفاق النووي يحمل في طياته إمكانية تغيير منطقة الشرق الأوسط بأكملها بطريقة إيجابية وبناءة، وذلك بفضل عمان، عضو مجلس التعاون الخليجي، التي سهّلت بمهارة ومسؤولية المحادثات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة “.

وبالرغم من دعوة موسويان لتعاونٍ ترعاه الولايات المتحدة، طلب تركي من إيران أن تبرهن على صحة أقوالها.

حيث قال “ما رأيناه من تصرفات إيرانية في الماضي يمكن أن نعبر عن بمثلٍ عربي يقول “أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب. أعتقد أنه لكي نمضي قدمًا فيما اقترحه السيد موسويان في التعاون ونحو ذلك، ما زلنا نسمع كلامًا، نريد أن تُترجم هذه الأقوال إلى أفعال”.

يقول إميل هوكايم، باحث كبير للأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن ايران لديها الفرصة لطمأنة دول الخليج بشأن نواياها.

إن قائمة الشكاوى الخليجية من إيران طويلة والكثير منها له ما يبرره”. يميل الكثيرون إلى تجاهل مخاوف الخليج حول إيران… يعتقدون أن دول الخليج ترى أن الأيادي الإيرانية تقف خلف كل ما يحدث”.

وقال أن الحقيقة هي أنه منذ عام تم شن هجمات إلكترونية إيرانية ضد شركة أرامكو السعودية ورأس غاز في قطر.

وأضاف هوكايم أن “إيران منخرطة في المنطقة بأكملها، وهي انتهازية جدًا، في بعض الأماكن يكون الدافع أيديولوجيًا وفي أماكن أخرى يكون استراتيجيًا، كما هو الحال مع الحوثيين في اليمن. وأشك أنه منذ عدة أعوام كان هناك الكثير من الدعم الإيراني، لكني الآن لا أشك في ذلك، بل أنا متأكد منه”.

لكنه قال أن دول الخليج يجب أن تُدرك فوائد التطبيع مع إيران.

وقال “دول الخليج لديها فرصة لإعادة صياغة شكل إعادة إدخال إيران في المجتمع الدولي إذا ما قامت بدور الوسيط… بصفتها متعهدة تقديم رأس المال والتكنولوجيا والاتصالات، وذلك لأن إيران معزولة منذ أكثر من 30 عامًا باختيارها “.

ولكن القضية الرئيسية تظل هي الأمن، كما يقول هوكايم.

حيث أضاف: “استراتيجية إيران الكبرى هي أن يكون أمن الخليج إقليميًا، وهذا يعني طرد جميع القوى الخارجية التي توفر الأمن في المنطقة – ليس فقط الأمريكان بل الفرنسيين والبريطانيين كذلك – بينما دول الخليج لديها رؤية أخرى… تدويل أمن الخليج”.

وقال أيضًا أن دول الخليج لديها تقييمات مختلفة للخطر الإيراني لذا فهناك انقسام في المنهج الذي تتبعه. “إنهم يفضّلون الإجراءات الوقائية … بدلًا من اتخاذ موقف حاسم”.

البريد الإلكتروني: amustafa@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا