اعتراض المهاجرين – مهمة بحرية متزايدة

طراد البحرية الإيطالية Driade يفرغ اللاجئين الذين تم إنقاذهم في البحر في 18 أبريل. نفّذت البحرية وخفر السواحل الإيطالية حصة الأسد من إنقاذ المهاجرين في البحر على مدار السنوات الثلاث الماضية.  (الصورة: جيوفاني آيسولينو/ أ ف ب)

طراد البحرية الإيطالية Driade يفرغ اللاجئين الذين تم إنقاذهم في البحر في 18 أبريل. نفّذت البحرية وخفر السواحل الإيطالية حصة الأسد من إنقاذ المهاجرين في البحر على مدار السنوات الثلاث الماضية. (الصورة: جيوفاني آيسولينو/ أ ف ب)

واشنطن – الأرقام مذهلة.

عبر  أكثر من 210 ألفًا من المهاجرين غير الشرعيين وسط وشرق البحر الأبيض المتوسط في عام 2014، وفقا لفرونتكس، وهي وكالة تنسق الحركات الحدودية في أوروبا. تم انقاذ أكثر من 150 ألفًا منالمهاجرين في عرض البحر بين أكتوبر 2013 وسبتمبر 2014، وفقا للحكومة الإيطالية، ولقي أكثر من 3000 حتفهم. تم انقاذ 2200 مهاجرًا آخرين بين إيطاليا وصقلية في 12 فبراير. وتم إنقاذ أكثر من 11 ألفًا ما بين 12 و18 أبريل. وفي 2 و3 مايو ألقي القبض على أكثر من 5800.

هذه ليست سوى أمثلة قليلة – هناك أكثر من ذلك بكثير. وهم يعكسون أزمة متزايدة تتمثل في أن الدول الأوروبية ليست جاهزة للتعامل، وأزمة يسعون جاهدين للاستجابة لها بتكلفة كبيرة وعواقب سياسية.

النصيب الأكبر من عمليات الإنقاذ التي ذكرت أعلاه تم التعامل معها من قبل السفن الحكومية الإيطالية؛ وقوات البحرية وخفر السواحل، وحرس الحدود وسفن دائرة الجمارك. باستخدام مدمرات وفرقاطات وطرادات، وزوارق دورية وحتى غواصات، أصبحت خدمات البحرية الإيطالية هي الأكثر انشغالاً وعملاً على مستوى العالم، وتتحمل العبء الأكبر من عمليات الإنقاذ والاعتراض.

لكن الحكومة الإيطالية قد ضاقت ذرعًا بالفاتورة الشهرية التي تبلغ 9 ملايين يورو (10.1 مليون دولار أمريكي) لعمليات الإنقاذ في ظل المساعدة القليلة من بقية أوروبا، ودعاها ذلك إلى وقف العمليات في منتصف إبريل. وبعد أيام فقط، في 19 إبريل، غرق حوالي 750 مهاجرًا بعد غرق سفينتهم.

في اجتماع قمة طارئة في بروكسل يوم 23 أبريل، تعهد زعماء الاتحاد الأوروبي بتوسيع الدعم وتعهدوا بإرسال وحدات أكثر من البحرية وخفر السواحل. كما ضاعفوا ميزانية دوريات المهاجرين إلى ثلاثة أضعاف.

ذكرت فرونتكس في 26 مايو أن المفوضية الأوروبية ستقدم قريبًا مبلغًا إضافيًا قدره 26 مليون يورو لتعزيز عملية Triton في إيطاليا وPoseidon Sea في اليونان من يونيو 2015 حتى نهاية العام. سوف تصل ميزانية Triton هذا العام إلى 38 مليون يورو و18 مليون يورو لعملية Poseidon Sea. في العام المقبل، ستقدم المفوضية الأوروبية لفرونتكس مبلغًا إضافيًا قدره 45 مليون يورو للعمليتين.

بحسب الاتفاق الجديد، تشارك الآن 26 دولة في دوريات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. نشرت بريطانيا أكبر سفنها الحربية، والسفينة البرمائية Bulwark، والتي التقطت يوم 7 مايو أول 110 مهاجرٍ لها رصدتهم على متن زورق مطاطي. استخدمت Bulwark زورق الإنزال الخاص بها لنقل اللاجئين إلى إحدى سفن خفر السواحل الإيطالي.

وبعد يوم، التقطت الفرقاطة الألمانية Hessen حوالي 200 مهاجر من سفينة خشبية تتسرب منها المياه، وقامت سفينة إمداد البحرية الألمانية “برلين” بإنقاذ 180 لاجئا قبالة الساحل الليبي.

هذا وتجتمع قوات بحرية بعيدًا خارج البحر المتوسط للانضمام الى المهمة أيضًا، بما في ذلك سفن دورية من أيرلندا وأيسلندا.

لكن العوامل التي تدفع المهاجرين للهجرة لا يبدو أنها تتراجع على الإطلاق – بل على العكس، وفق ما يحذر الكثير من مجموعات حقوق الإنسان.

قال روبرت جرامر، مساعد مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي في المجلس الأطلسي “هناك حوالي 10 أضعاف عدد الوفيات في البحر هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهذه الأرقام سوف ترتفع مع ارتفاع درجات الحرارة.

وأضاف “لن ينتهي هذا الأمر، حيث أرى أن عدد المهاجرين القادمين إلى أوروبا سيتزايد باطراد.”

ذكرت فرونتكس أنه لمدة ثلاثة أيام من 29-31 مايو، تم إنقاذ أكثر من 5000 مهاجرًا في وسط البحر الأبيض المتوسط. وشاركت في جهود الإنقاذ السفن البريطانية، والمالطية والبلجيكية والإيطالية، إلى جانب الطائرات الآيسلندية والفنلندية.

وقال المدير التنفيذي لفرونتكس فابريس ليجار في بيان صحفي “هذه هي أكبر موجة من المهاجرين شهدناها في عام 2015”.

من أين يأتون

أكبر مجموعات اللاجئين تأتي من سوريا وإريتريا، أكثر من 32500 في كل من عام 2014، وفقا للحكومة الإيطالية. وتأتي أعداد أصغر من مالي ونيجيريا وغامبيا وفلسطين والصومال. ومع استمرار المكاسب العسكرية التي تحققها الدولة الإسلامية في سوريا والعراق وأفق للحرب الأهلية الذي ليست له نهاية في سوريا، فإن الهجرة لن تتوقف.

في أماكن أخرى من العالم، تشارك القوات البحرية في مخيمات اللاجئين أو تعترض المهاجرين بشكل مستمر. فخارج البحر المتوسط، تعتبر المنطقة الأكثر نشاطًا للمهاجرين هي بحر أندامان، حيث يهرب مسلمو بنجلادش وروهينغيا من ميانمار نحو أندونيسيا وماليزيا وتايلاند.

وتشير تقارير وسائل الاعلام أن الآلاف من اللاجئين موجودون في عرض البحر في مياه جنوب آسيا، حيث رُفض إعطاء الإذن لهم بالدخول ولا يوجد مكان يتزودون منه بالوقود. وتشير تلك التقارير أيضًا إلى أن أكثر من 4600 لاجئ قدِموا إلى الشاطئ في منطقة جنوب شرق آسيا في الأسابيع الأخيرة.

وفي الأسبوع الماضي، أرسلت تايلاند سبع سفن تابعة للبحرية في بحر أندامان لاعتراض سفن المهاجرين. قامت القوات البحرية من أندونيسيا وماليزيا وميانمار بجميع عمليات الإنقاذ أو المنع. في الوقت نفسه تنفذ البحرية الأسترالية سياسة الحكومة المثيرة للجدل وهي الإبعاد، التي بدأت في عام 2013، حيث ترفض الدوريات البحرية السماح لسفن المهاجرين بالوصول إلى الشاطئ. ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن في عام 2013 وصلت نحو 300 سفينة على متنها أكثر من 20 ألف مهاجر إلى أستراليا، في حين وصلت سفينة واحدة فقط في عام 2014 إلى البلاد.

وبينما تستمر الأوضاع في منطقة البحر المتوسط وجنوب آسيا، فإن العمليات المتزايدة مثل تلك الموجودة في اليمن تجتذب أيضًا السفن الحربية للقيام بأدوار الإنقاذ التي لم تُصمم من أجلها. أقلّت العديد من السفن الحربية وسفن الدعم من العديد من الدول اللاجئين من اليمن منذ أواخر مارس. وتشمل هذه الجهود سفنًا تابعة للقوات البحرية من الصين، وفرنسا، والهند، وإيران، وباكستان، وروسيا، والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وكانت مدمرات وفرقاطات وسفن دورية بين وحدات البحرية المشاركة.

السفينة المناسبة للمهمة

مع انصراف كل هذه السفن البحرية ذات الهيكل الرمادي وسفن خفر السواحل ذات الهيكل الأبيض بعيدًا عن مهامها العادية، يكون السؤال، هل هذه أفضل أنواع السفن التي تُنتدب لهذه المهمة؟

يقول إريك طومسون، مدير الدراسات الاستراتيجية في مركز التحليلات البحرية في واشنطن “السفن الحربية لديها مجموعة كاملة من الأشياء التي جعلها مناسبة ومفيدة جدا في هذا النوع من العمليات – الاستدامة والمروحيات والرادارات الكبيرة، التحكم الكبير ومرافق السيطرة، وعادة ما تكون بها قوارب صغيرة وقدرات داخلية، ومعدات للسلامة. كل هذه أشياء جيدة.

وقال طومسون “لكن على الجانب السلبي، فإنها مصممة لشيئين يجعلانها غير مناسبة جدًا – من حيث الرسو فهي مصممة للأشخاص الذين يشبتكون في قتال السفينة فعلاً،

والفريق الطبي عبارة عن شخص أو اثنين أو ثلاثة – وليست أطباء بالمعنى الحقيقي. لا يوجد بها مرافق جراحية، مرافق حجر صحي. تم تصميم المياه الصالحة للشرب والإنتاجية الغذائية لتكفي الطاقم. ليس هناك الكثير من المساحات المفتوحة في هذه السفن حيث يمكنك وضع الناس، أسرّة، حمامات”.

وأشار جيري هندريكس، المحلل في مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن ومدير سابق في تاريخ البحرية للبحرية الأمريكية “السفن التابعة للبحرية أيضًا غير مهيئة لالتقاط الناس بسهولة من الماء”. وأشار إلى أن ارتفاع جوانب السفن الحربية يجعل من الصعب الوصول إليها. “ليست مناسبة لرفع الناس وإنزالهم”.

ووافقه طومسون على ذلك، حيث قال: “رف الناس وإنزالهم من هذه السفن قد يكون صعبًا، فهي ليست مصممة لذلك. وسحب الناس من البحر إلى سفينة ليس مهمة سهلة. فهناك الكثير من السفن التي لا تقوم بهذا جيدًا”.

تصاميم السفن الأمريكية الجديدة مثل السفن القتالية الساحلية (LCS) والسفينة المشتركة عالية السرعة (JHSV) قد تكون أيضًا مناسبة لمهام إنقاذ المهاجرين المستمرة، ولكن لا توجد دولة أخرى تملكها.

وأشار هندريكس: “ونظرًا لهذه التحديات، قد تحتاج الدول الأجنبية إلى أن تلقي نظرة أخرى على تصميم السفينة الأمريكية، خاصة LCS وJHSV، ويرجع ذلك إلى خلجان المهام الكبيرة الغائرة وقدرتها على توفير مساحة للأشخاص على متنها.”

السفن البرمائية ذات الطوابق الكبيرة تعتبر مناسبة تمامًا لمهام الإنقاذ والمهام الإنسانية – السفن البرمائية الأمريكية غالبًا ما تشارك في بعثات الإغاثة – ولكن في حين أن الولايات المتحدة لديها 30 سفينة من هذه، فإن معظم الدول لديها أقل بكثير، وفي كثير من الأحيان واحدة أو اثنتين فقط.

تشتري القوات البحرية الأخرى سفنًا قتالية بها ميزات مدمجة لتمكين المزيد من المهام الاستطلاعية أو الإنسانية.

تبني إيطاليا Pattugliatore Polivalente D’Altura (PPA)، وهي سفينة بحجم الفرقاطة حمولتها 4500 طن ولها تصميم وحدات يمكن تعزيزه من أجل مهام الإغاثة والمهام الإنسانية.

سوف تحتوي السفن على منطقة مركزية قد تكون قادرة على استيعاب المركبات أو حاويات البضائع، في حين تم تصميم المساحة التي تحت سطح لاستضافة مرافق مستشفيات مؤقتة، أو معدات مكافحة التلوث أو العمليات الخاصة. سوف تكون السفينة قادرة على إمداد 6000 شخص بالطاقة والمياه على الشاطئ.

أشار جرامر قائلاً “ولكن برنامج PPA كان يعمل قبل ظهور أزمة المهاجرين، لذا فإن تلك المتطلبات كانت موجودة بالفعل، ولكنها مناسبة جدًا للوحدات النمطية التكاملية، ويمكن تعديلها لتناسب الإنقاذ أو القتال.”

لدى خفر السواحل الأمريكي خبرة طويلة في منع المهاجرين، وخاصة في منطقة البحر الكاريبي، وتم إدراج شرط في قواطع الأمن القومي وهو القدرة على التعامل مع أعداد كبيرة من الناس دون تهديد أمن السفينة. تم تجهيز السفن بمحطة للركوب على مقربة من سطح الماء حتى يتمكن الناس من الركوب بسهولة نسبية، وبها ممرات مغلقة قادرة على إيواء أعداد كبيرة من الناس مؤقتا دون السماح لهم بالدخول إلى المناطق الداخلية للسفينة، حيثإن الوصول إلى غرفة المحرك والقيادة و مساحات السيطرة والأسلحة يمكن أن يسبب مخاطر أمنية.

وقال رئيس سابق بالبحرية أن القواطع الجديدة، بما في ذلك القواطع سريعة الاستجابة (FRC) وسفينة Offshore Patrol Vessel المستقبلية، بها سلالم متينة، وهي ميزة إنقاذ رئيسية.

وقال الأميرال المتقاعد جيم لوي، المدير السابق للأمن الداخلي وقائد خفر السواحل 1998-2002، الوقت الذي جرى فيه رسم متطلبات القواطع الجديدة، “القواطع تحتوي على إمكانية إطلاق المؤخرة لكي يركب الناس بسهولة وبأمان في أي ظرف من الظروف البحرية”.

وقال لوي “تحتوي FRC على ميزة الصعود دون التعرض للماء وذلك افتراضيًا على حافة الماء، بدلاً من الحاجة إلى سحب اللاجئين خارج الماء عن طريق حبال النجاة”. وهذه المزايا تجعلها أسهل كثيرًا في ركوب الناس على متن السفينة، حتى في ظروف البحر المضطربة.”

وأشار لوي إلى أن معظم السفن الحربية “تم تصميمها لتكون ناجحة في ما يأملون أنه لن يحدث أبدًأ” – وهو القتال. ولكن بالنسبة لمهام مثل الإنقاذ في البحر، “أعطني منصة خفر سواحل لتلبية مهامنا – تصميم وتدريب الناس – وليس المنصات البحرية”.

ومع تصاميم مثل PPA وفرقاطات F125 الألمانية، هناك بالفعل أدلة على أن القوات البحرية تفكر في استخدام السفن المقاتلة في مزيد من مهام التدخل السريع. وما زال علينا أن نرى ما إذا كان سيتم طرح قدرات منع وإنقاذ المهاجرين على المدى الطويل في وثائق المتطلبات.

يقول هندريكس “هل ستحتاج القوات البحرية إلى تغيير هيكل القوة إلى هذا الشيء؟ هذه مشكلة استثمارية طويلة الأجل تشير إلى تغير البحر في الهندسة البحرية”.

ساهم في هذا التقرير توم كينجتون من روما.

البريد الإلكتروني: ccavas@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا