السويد قد تفقد حلفاءها الخليجيين بسبب خلاف مع السعودية

وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم تتحدث مع نظيرها التشيكي بيتر درولاك خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ريغا، لاتفيا، في 7 مارس 7. (الصورة: إلمراس زونتين/جيتي)

وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم تتحدث مع نظيرها التشيكي بيتر درولاك خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ريغا، لاتفيا، في 7 مارس 7. (الصورة: إلمراس زونتين/جيتي)

هلسنكي وأبو ظبي – تعرضت حكومة رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوففين التي يقودها الاشتراكيون لسيل من الانتقادات من جهات سياسية وتجارية محلية بعد أن قررت إدارته عدم التفاوض حول اتفاق تجاري للصناعات الدفاعية لمدة خمس سنوات مع المملكة العربية السعودية.

في هذه الأثناء، قد تؤدي التوترات الدبلوماسية بين البلدين إلى فقدان المزيد الحكومة الإسكندنافية المزيد من الحلفاء حول الخليج العربي، حسب ما حذر منه خبراء في الشرق الأوسط.

ظهر قرار ستوكهولم – الذي انتقده بشدة رؤساء الشركات الرائدة في السويد بسب إضراره بالعلاقات التجارية للبلاد مع الدول العربية – وسط خلاف دبلوماسي مع السعودية بلغ ذروته ليصل إلى استدعاء السعودية لسفيرها في السويد، سعد بن إبراهيم البراهيم، في 11 مارس.

في 6 مارس، تقدمت 31 شركة من كبار الشركات الصناعية السويدية منها فولفو ورئيس سلسلة الأزياء H&M ستيفان بيرسون والرئيس التنفيذي لمجموعة SEB البنكية أنيكا فالكينجرين، بالتماس إلى الحكومة للتفاوش حول اتفاقية صناعية دفاعية جديدة من أجل حماية الصادرات السويدية والمصالح التجارية في الدول العربية.

وفي بيان مشترك، حثّ قادة الأعمال الحكومة على عدم الابتعاد عن المحادثات. “بدون التجارة ستفقد السويد فرصة لجعل صوتها مسموعًا في عالمٍ خاضع للعولمة، وتحقيق تغيير حقيقي”.

عانت احتمالات تجديد اتفاقية التجارة الصناعية الدفاعية من نكسة خطيرة خلال الأسبوع الأول من شهر مارس، عندما فشلت اتصالات غير رسمية بين وزارتي الخارجية السويدية والسعودية في إحداث انفراجة في لهجة انتقاد الحكومة السويدية لسجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان.

وردًا على ما يًنظر إليه على أنه انهيار في الحوار البنّاء، تدخلت المملكة العربية السعودية لمنع خطاب وزير الخارجية السويدية مارغو والستروم في اجتماع قمة للجامعة العربية في القاهرة يوم 9 مارس.

كان والستروم قد وصف السعودية في وقتٍ سابق بأنها دولة دكتاتورية، وشجب معاملتها للنساء وافتقارها إلى الإجراءات والنظم الديمقراطية والقانونية الشفافة. وردًا على ذلك، وصفت وزارة الخارجية السعودية انتقادات والستروم بأنها “تدخل سافر” في شؤونها الداخلية.

وإثر تصاعد موجة الاستهجان من السعودية ودول عربية أخرى، أكّد مجلس الوزراء الذي يسيطر عليه الاشتراكيون برئاسة ستيفان لوففين نيته عدم التفاوض حول اتفاقية صناعية دفاعية جديدة في 10 مارس.

وكان رد الفعل العنيف من الجهات السياسية وكبار قادة الصناعة في السويد سريعًا وحادًا.

وصرّح كارل بيلدت، وزير خارجية في حكومة التحالف التي كان يقودها المعتدلون قبل أن تفقد السلطة في 2014، لمجلة أخبار الدفاع قائلًا: “إن قرار عدم التفاوض بشأن اتفاق صناعي دفاعي جديد قد أضر بسمعة السويد. بصورة واقعية جدًا، هذا الأمر متعلق بمصداقية السويد كشريك تعاقدي. هذه المصداقية مهمة لبلد صغير نسبيًا مثل السويد. وهذا الموقف بأكمله مؤسف”.

إن قرار حكومة لوففين له آثار خطيرة على التجارة السويدية والعلاقات السياسية مع دول الجامعة العربية، كما حذر ليف جوهانسون، رئيس شرطة الاتصالات والالكترونيات السويدية العملاقة LM Ericsson.

قال جوهانسون، وهو رئيس تنفيذي سابق لمجموعة فولفو، في بيانٍ له: “إن معاداة الجامعة العربية قد تسبب ضررًا كبيرًا جدًا. سنحتاج إلى أعوام عديدة لنعرف آثار هذا، وسوف يعتمد بالكلية على ما تقوم به السويد لإصلاح علاقاتها بهذه الدول”.

وقالت زعيمة حزب المعتدلين آنا كينبيرج باترا أن تصرف الحكومة حين ألغت محادثات الاتفاقية الجديدة سوف “يُضعف صوت السويد عالميًا”.

وفي تصريحها لمجلة أخبار الدفاع، قالت بارتا “سننتظر لنرى أثر هذا القرار المتسرع على التجارة والوظائف. نحن دولة تعتمد على الصادرات”.

تعاني العلاقات السياسية العادية بين السويد والسعوديةمن تراجع كبير منذ يناير كانون الثاني عندما انتقد والستروم جلد المدون رائف بدوي. حيث وصف وزير الخارجية السويدي الإجراء بأنه غير مبرر، مضيفًا “يجب وقف هذه المحاولة القاسية لإسكات الأشكال المعاصرة التعبير”.

تعود المشكلات الأساسية التي تحيط باتفاقية التجارة الصناعية الدفاعية التي ألغيت الآن إلى عام 2010 عندما أسقطت الحكومة في ذلك الوقت خطة صاناعية دفاعية سرية ومثيرة للجدل لإدراج مصانع أسلحة ومشاريع لبناء البنية التحتية العسكرية في مذكرة لإعادة تنشيط التفاهم مع السعودية.

وقال وزير الدفاع بيتر هولتكويست أن “قرار عدم المضي قدمًا في المحادثات ليس تنازلًا نقدمه لشركائنا في الحكومة الخُضر. لقد تم هذا بعد دراسة متأنية، وهناك في الحقيقة الكثير من أعضاء الحكومة السابقة كانوا سيتخذون نفس القرار”.

إن قرار مجلس الوزراء بقيادة لوففين إلغاء اتفاقية التجاة أصبح حتميًا بمجرد رفض الحكومة السويدية التراجع عن موقفها الناقد لسجل حقوق الإنسان في السعودية، وذلك حسب تصريح زعيمة حزب الوسط المعارض آني لوف.

قالت لوف “من الممكن جدًا للسعودية أن تُلغي السعودية المحادثات من جانبها على أية حال. قد تكون النتيجة مشحونة سياسيًا، ولكنها النتيجة الصحيحة. كان على السويد أن تُنهي تعاونها السعودي مع السعودية. يجب ألا نتعاون عسكريًا مع دول غير ديمقراطية. هناك جوانب أخرى من التعاون التجاري خارج المجال العسكري يمكن النظر إليها”.

انخفضت الصادرات الدفاعية للسويد بنسبة 33 في المئة الى 1.3 مليار دولار في عام 2014. ومن هذا المبلغ، كان حوالي 14 في المئة من قيمة الصادرات في ذلك العام قادمة من المبيعات إلى الدول العربية التالية: السعودية، والإمارات وقطر وعمان.

وقد أوكلت الحكومة مجموعة برلمانية لدراسة المنطقة كلها لتقييد أو إنهاء صادرات الأسلحة إلى ما يسمى بـ “الدول غير الديمقراطية.” ومن المقرر أن تُصدر المجموعة تقريرًا مصحوبًا بتوصيات بحلول منتصف إبريل.

رد الفعل العنيف من الشرق الأوسط

جاء إعلان والستروم في وقتٍ احتلت فيه السعودية صدارة قائمة أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، متفوقة على الهند، وذلك حسب تقرير IHS.

قال رياض قهوجي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري في دبي، أن “تداعيات هذه الخطوة التي اتخذتها السويد لن تقتصر على تجارة الأسلحة.

سيكون الأمر أكبر من ذلك، سيقولون أنكم إذا رفضتم التعاون التجاري مع السعودية في بيع السلاح فلن تتعاون معكم السعودية تجاريًا في أي شيء آخر، نقطة”.

وأضاف: “ستكون لها أيضًا تداعيات مع صفقات الأسلحة في دول أخرى في الخليج لأنها قريبة جدًا من الحالة السعودية، وسوف يبدأون في الشعور بمخاوف من قيام السويد بالشيء نفسه معهم. سيكون تأثير هذا على سوق السلاح السويدي أكبر من السعودية وسوف يشمل على الأرجح دولًا أخرى.”

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد حصلت المملكة العربية السعودية على أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات Bill-2، والتي طُلبت في عام 2005 عندما وقع البلدان اتفاقًا للتعاون العسكري لمدة 10 سنوات.

وفي عام 2013، اشترت السعودية اثنين من طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوًا من طراز Saab 200 بقيمة 670 مليون دولار، في حين استحوذ الحليف الخليجي دولة الإمارات أربعة سفن إنزال طراز L-22 و 12 زورق هجوم سريع طراز Ghannatha، وستة رادرات بحث جوي طراز Giraffe AMB، وسبع طائرات بدون طيار من طراز APID-55 واثنتين من طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوًا طراز Saab 340 بين عامي 2007 و2013.

وأضاف قهوجي أن السعودية أبرمت أيضًا صفقات مع السويد لنظم الإنذار المبكر الأرضية والمحمولة جوًا نيابة عن باكستان.

وتأتي هذه الخطوة من قبل السعودية أيضًا كمؤشر على الإصرار السعودي الذي لم يكن ملحوظًا لبعض الوقت، وذلك وفقًا للسفير البريطاني السابق لدى المملكة السير جون جينكنز، وهو الآن المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالشرق الأوسط

حيث قال جينكنز “ليست قضية كبيرة على ما يبدو ظاهريًا،

فـ [ملك السعودية] لديه علاقات استراتيجية مع مورّدين آخرين أكبر بكثير. ولكن هذا يُظهر استعدادًا لإظهار الإصرار حول هذه القضايا بطريقة لم تكن ظاهرة لبعض الوقت. ربما هي قشة في مهب الريح”.

وأكد قهوجي أن البديل الأكثر احتمالً للسويد كشريك لاستيراد الأسلحة سيكون فرنسا في ضوء تقاربها الأخير.

وقال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي من الإمارات، أن سحب السفير السعودي قد يكون نقطة الغليان في الأزمة، لكنه يتوقع أن تبدأ قريبًا تهدئة.

وقال عبد الله: “من حق السعودية أن تستاء مما قالته السويد لأنه تدخل في شؤونها الداخلية وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بموضوع حساس مثل قضية حقوق الإنسان،

آمل تبقى هذه القضية مغلقة بين المملكتين، وأعتقد أنها ستظل كذلك، لأن هذه الأزمة لا تستحق التصعيد”.

وأضاف عبد الله أنه لا أحد من عواصم الخليج يريد تصعيد هذه الأزمة، ولكنهم إذا دُعُو إلى ذلك فسوف يساندون السعودية.

“السويد لا تريد أن تفقد السعودية والسعودية لا تريد أن تفقد السويد كحليف، لذلك أتوقع أن تؤيد عواصم الخليج، وخاصة أبو ظبي، إقامة قناةٍ للتواصل للحد من التوتر بين البلدين واستعادة العلاقات.”

البريد الإلكتروني: amustafa@defensenews.com, godwyer@defensenews.com.

Read in English

...قد ترغب أيضا