قائد سابق: لقد ارتكبت إسرائيل ” خطأ إستراتيجيًا”

رجل فلسطيني يسير بين المباني التي دمرت خلال القتال بين مقاتلي حماس وإسرائيل شمال قطاع غزة في 16 أغسطس. (روبرتو شميدت / شركة جيتي إيمدجز)

رجل فلسطيني يسير بين المباني التي دمرت خلال القتال بين مقاتلي حماس وإسرائيل شمال قطاع غزة في 16 أغسطس. (روبرتو شميدت / شركة جيتي إيمدجز)

 

تل أبيب – إن عملية إسرائيل الأخيرة ضد غزة تلقي الضوء على النتائج الإستراتيجية لتجاوز خط الذروة في الردع المستوحى من أفكار كلاوزفيتز، حيث إن التصرفات التكتيكية التي كانت تستهدف احتواء التصعيد انتهت بجر إسرائيل إلى حرب قائمة على الاحتكاك لم تكن تريدها.

وقد أدى الفشل في استيعاب منطق حماس والمجموعات الأخرى المرتكزة في غزة، والتي يطلق عليها كتاب كلية الأمن القومي الإسرائيلية “الهوية المختلفة للعدو”، إلى انهيار وسائل الردع الإسرائيلية في الأسابيع التي سبقت الحرب وخلالها كما يقول الخبراء هنا.

وقد تم استرداد وسائل الردع جزئيًا كما يقول الخبراء هنا من خلال ثلاثة أسابيع من الأعمال العسكرية العقابية التي أجبرت حماس على قبول وقف إطلاق النار في نهاية الأمر في 26 أغسطس لتنتهي بهذا حرب الخمسين يومًا.

وقال قائد متقاعد بقوات الدفاع الإسرائيلية “لقد ارتكبنا خطأ إستراتيجيًا تمثل في الحساب الخاطئ لمنطق العدو. فبينما كانت حماس تستعد للحرب، ظننا أنها مجرد جولة أخرى فحسب”.

لقد كان استدراج إسرائيل للدخول في حرب لم تختر هي خوضها خطأ أساسيًا وفقًا للقائد المتقاعد الذي أضاف قائلاً “لا يجب استدراجنا أبدًا. إن الحروب يفوز بها من يقوم في البداية بهجوم كاسح مكثف للغاية. لا يمكنك أن تفوز بالحروب باتباع خطوات تصاعدية”.

كان من الممكن تجنب كل ذلك، أو حتى التخطيط له بشكل أفضل، إذا كانت قوات الدفاع الإسرائيلية قد استطاعت تقييم نتائج تصرفاتها بشكل صحيح في الأسابيع التي سبقت عملية الجرف الصامد وفقًا لرئيس قوات الدفاع الإسرائيلية السابق.

لقد كان يشير إلى عملية “حارس الأخ” التي بدأت في 13 يونيو كمهمة لاستعادة ثلاثة فتيان إسرائيليين تم اختطافهم وقتلهم على يد خلية إرهابية متصلة بحركة حماس. وتطور الأمر سريعًا ليتحول إلى غارة أرضية امتدت 15 يومًا في جميع أنحاء الضفة الغربية.

عقب القائد المتقاعد على ذلك قائلاً “لو كانت قوات الدفاع الإسرائيلية قد أخبرت الحكومة بأن ما كنا نقوم به في الضفة الغربية سيشعل فتيل الحرب في غزة، لكنا على الأقل قد استعددنا لبدء الهجوم ضد حماس”.

وقد أقر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون بشكل علني بأن عملية الجرف الصامد كانت غير ضرورية ولم يتم التخطيط لها.

وفي خطاب له بعد الأحداث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، قال يعلون إن إسرائيل تم “استدراجها” لتخوض الحرب بعد أن بدأ “التصعيد” بسبب العملية السابقة التي استهدفت حركة حماس في الضفة الغربية.

ولكن هناك العديد من الأشخاص الآخرين، بما يتضمن ضباط بالقيادة العامة لقوات الدفاع الإسرائيلية، يشيرون إلى ما حدث في منتصف أبريل من انهيار للجهود التي قادتها الولايات المتحدة لاستعادة محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية باعتباره نقطة البداية نحو الانزلاق في حرب استمرت طوال الصيف.

قال أحد كبار ضباط قوات الدفاع الإسرائيلية عن عملية الجرف الصامد التي استمرت لمدة 50 يومًا كنتيجة لعملية حارس الأخ “لقد ظللنا لمدة 75 يومًا في عمليات التحام مباشر”. وأضاف قائلاً “ولكنها كلها حزمة واحدة منشأها كل ما حدث في الأراضي الفلسطينية منذ بضعة أشهر”.

واستشهد الضابط بسلسلة من الأحداث التي بدأت بانهيار محادثات السلام التي قادتها الولايات المتحدة واستمرت مع الاتفاقية التي وقعت بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية لتشكيل حكومة وفاق وطني. وبعد هذا جاء حدث اختطاف الإسرائيليين الثلاثة والعملية التي نفذت ضد حماس في الضفة الغربية.

وأضاف قائلاً “وبالتوازي مع ذلك، ودون صلة مباشرة، فقد كانت حماس تجهز للجولة التالية”.

وأصر الضابط على أن إسرائيل حاولت التواصل مع حماس وإبلاغها بأن قيادتها في غزة لن يتم استهدافها كجزء من الغارة التي كانت مستمرة حينذاك في الضفة الغربية، فقال “على صعيد العمليات وبشكل معلن، لقد حاولنا ألا نصعد الأمر. لم نكن نريد أن تبدأ غزة في الاحتراق.”

ورفض الضابط المزاعم القائلة إن حماس كانت تخطط منذ شهر يناير لشن حرب تستمر طوال الصيف قائلاً “لم تكن لدينا معلومات أو حتى أقل قدر من المعلومات عن أي ساعة صفر محددة”.

وعقب على ذلك بقوله “نعم، لقد كانت حماس تطور بنيتها التحتية. ولكننا نعتقد أنهم أيضًا لم يتوقعوا الحرب التي بدأت من وجهة نظرنا في 7 يوليو قرابة الساعة 8 مساءً، مع هجمات إطلاق النار الجماعي التي قامت بها والتي تضمنت منطقة تل أبيب.”

وعند سؤاله عما إذا كان بمقدور إسرائيل إنهاء التصعيد في تلك النقطة، أجاب الضابط قائلاً: “لنقل إننا لم نرد على إطلاق النار الذي وقع على تل أبيب. ما الذي يحدث لمنظومة الردع؟ وماذا عن الضغط السياسي الداخلي؟”

يقر يعلون قائلاً “من المبكر جدًا أن نقول ذلك” أنه لو استطاعت قوات الدفاع الإسرائيلية تحقيق الردع في عملية الجرف الصامد، وإذا كان الأمر كذلك فإلى متى سيستمر؟

يقول الخبراء هنا إن عملية الجرف الصامد هي دراسة أكاديمية في القيود التي تفرضها أكثر قوة عسكرية يتم تطبيقها دون أدنى خطأ.

عندما تعتمد الحكومات على القوة العسكرية لحل المشكلات بدلاً من تعزيزها للأغراض الدبلوماسية، تكون الإنجازات المتعلقة بالعمليات الحربية مؤقتة في أفضل حال، وفقًا للكولونيل المتقاعد من قوات الدفاع الإسرائيلية أومير بارليف، أحد واضعي السياسات من حزب العمل الإسرائيلي المعارض.

وقال بارليف “لقد كانت هذه هي السياسة التي توجه حركة الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو طوال السنوات الست الماضية. إذا كان هناك بعض الهدوء، فإنها لا تفعل أي شيء وتأمل في أن يستمر هذا الهدوء إلى الأبد، وهذا لن يحدث.

وأضاف قائلاً “وعندما تبدأ الصواريخ في السقوط على مدننا أو عندما تبدأ القدس تحترق بنيران العنف تعلم إسرائيل فقط كيف تستجيب باستخدام القوة”.

وقد تم تأكيد هذا الأمر بشكل أساسي بواسطة ضابط قوات الدفاع الإسرائيلية الذي أصر على أنه كان يقدم تقييمًا عسكريًا محضًا وغير سياسي. وعند إجراء مقابلة معه في مقر قوات الدفاع الإسرائيلية هنا، ذكر الضابط كحقيقة فعلية أنه “هناك حل إستراتيجي للقضية الفلسطينية.”

كما قال إنه بدون سياسة عامة لحل الصراع على المستوى السياسي والدبلوماسي، يجب على قوات الدفاع الإسرائيلية الاستعداد لعمليات قتال “دورية” عندما تتصاعد حدة التوترات.

وأضاف قائلاً “لا يوجد شيء في الأفق يعطي أيًا من الطرفين سببًا ليقول لنفسه “لننتظر نصف عام أخرى لأن هذه المشكلة ربما يتم حلها”. ويشبه الضابط “المأزق الإستراتيجي” الناجم بالسقف الزجاجي.

وعقب على ذلك بقوله “أنا لا أحكم على الوضع ولكن لنواجه الأمر، هذه هي الحقيقة. كل فترة نصل إلى ذلك السقف الزجاجي الذي يضطرنا لاستخدام القوة.”

وفي الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل الضغط لإيقاف القدر الهائل من الهجمات العنيفة التي يقوم بها عملاء سريون يطلق عليهم الذئب الوحيد، فإن عملية الجرف الصامد تعمل أيضًا كوسيلة احتياطية مضادة للتصرفات التي قد تحث على نوع جديد من الحروب أكثر خطورة.

وحذر القائد المتقاعد من أنه في ضوء التوترات الإقليمية المتصاعدة إزاء خطة إسرائيل الواضحة لتغيير الوضع الراهن الدقيق الذي يحكم الحرم القدسي الشريف في القدس الشرقية، فإن أي تصرف تكتيكي طفيف قد يشغل “حربًا دينية بنسبة إستراتيجية”.

فقد أوضح قائلاً “إن الحرم القدسي الشريف هو عامل يغير جميع قواعد اللعبة، وأي محاولة أو ما يبدو كمحاولة لتغيير الوضع الذي ساهم في الحفاظ على السلام منذ عام 1967 بشكل أو بآخر سوف يجعل الصراع ذا صبغة دينية”.

واختتم حديثه قائلاً “إذا لم تغير إسرائيل سلوكها وتفكيرها الإستراتيجي، فسوف نواجه ما يتجاوز مجرد انتفاضة ثالثة. سنواجه “حربًا مقدسة” ستشعل الغضب لدى جميع المتعصبين القوميين ليتضامنوا ضدنا.”

بريد إلكتروني: bopallrome@defensenews.com.

Read in English

...قد ترغب أيضا