الخبراء والقادة العسكريون الإسرائيليون يختلفون في التشخيص الاستراتيجي

Maj. Gen. Amir Eshel, commander of the Israel Air Force, said “We’re continuously challenged with a situation we call ‘war between wars.’” (Sivan Farag).

قال الفريق “عمير ايشيل”، قائد القوات الجوية الإسرائيلية: “نحن في تحدٍ مستمر مع وضع نطلق عليه “حرب بين الحروب” (سيفان فراج)

مدينة هرتسليا، إسرائيل ―  على الرغم من اختلاف الخبراء والقادة العسكريين في تشخيصهم للوضع الاستراتيجي في إسرائيل في بداية عام 2014، إلا أنهم اتفقوا على أن الاضطرابات الإقليمية التي أثارتها الانتفاضات الشعبية والصراع الطائفي قد قللت من احتمالات حدوث حرب تقليدية في العام المقبل.

وفي مؤتمرات عديدة الأسبوع الماضي، قدم مجموعة كبيرة من كبار ضباط قوات الدفاع الإسرائيلية وخبراء الأمن صورة شاملة لمكانة إسرائيل الاستراتيجية في منطقة غير مستقرة بشكل متزايد.

وقد اختار معهد دراسات الأمن القومي (INSS) ومقره تل أبيب أن يؤكد على الجانب الإيجابي، مشيرًا إلى سلسلة من التطورات التي حدثت في عام 2013 والتي يمكن أن تُترجم إلى فرص استراتيجية.

وفي دراسته الاستقصائية الاستراتيجية السنوية، اختتم معهد دراسات الأمن القومي هذه الدراسة بأن عام 2013 هو عام جيد بالنسبة لإسرائيل، مع “هدوء تام تقريبًا على حدودها؛” والحفاظ على معاهدات السلام مع مصر والأردن كما تم إضعاف وردع العدو في سوريا ولبنان وغزة، والتهديد النووي الإيراني متوقف مؤقتًا عن طريق المباحثات الدبلوماسية الجارية.

وفي إحاطة للصحفيين في 27 يناير قبل المؤتمر السنوي لمنظمة ” Think Tank” الذي يُعقد لمدة يومين، صرح مدير معهد دراسات الأمن القومي “عاموس يادلين”، وهو لواء متقاعد في القوات الجوية الإسرائيلية، بأن عدم الاستقرار الناتج عن الحرب الأهلية في سوريا والمشتعلة على الحدود الشمالية لإسرائيل هو في صالح إسرائيل، على الأقل في المدي القصير.

كما ذكر “يادلين”، المدير السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن: “حقيقة أن النظام السوري (المدعوم من إيران) منشغل ببقائه في السلطة، وضعف قواته العسكرية بشكل كبير بجانب أن ترسانته الكيميائية في علمية تفكيك”، كل هذا يقلل من وجود خطر على المدى القريب لإسرائيل.

 وفي نفس الوقت، فإن حزب الله المدعوم من إيران، والذي أرسل أكثر من ألف مُقاتل للقتال مع الرئيس السوري بشار الأسد، أضعفته الخسائر البشرية وتآكل شرعيته في لبنان، وفي كثير من أنحاء العالم العربي السني. كما لاحظ الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي أن الحلفاء اللبنانيين للرئيس بشار الأسد المدعومين من إيران لم يردوا على الضربات الجوية المتكررة التي نُسبت إلى إسرائيل خلال العام الماضي ضد ” “الأسلحة عالية الجودة وهي في طريقها الى حزب الله من سوريا.”

كما ذكر الباحثون في المعهد، أن إطاحة الجيش بنظام الإخوان المسلمين المُنتخب في مصر هو “أكثر الأشياء إيجابية لإسرائيل”، وذلك بسبب التضيق الشديد الذي يقوم به الجيش المصري علي حماس في غزة ومكافحة المجموعات الجهادية في سيناء التي تهدد الحدود الجنوبية والغربية لإسرائيل.

وقال “يادلين”: “إن خلق منطقة خلاء محايدة في سيناء وهضبة الجولان والذي كان مُخطط له في عام 2013 لم يحدث. لذلك تم تعزيز قوات الردع الإسرائيلية، حيث تبقي إسرائيل هي أقوي دولة لديها جهاز مخابرات وقوة عسكرية تشغيلية فاعلة في المنطقة.”

كما عرض خطاب الجنرال “بيني غانتس”، قائد أركان الجيش الإسرائيلي، في مركز التخصصات في 29 يناير، صورة أقل تفاؤلًا للموقف. وفي حين تم التوافق على تقييم معهد دراسات الأمن القومي بشأن قوات الردع لجيش الدفاع الإسرائيلي، والتفوق العسكري واحتمال اندلاع حرب تقليدية على المدي القريب، حذر جانتس بأن، “الخطر بوجود جيش في مواجهة جيش أخر لم يختفِ.”

وحول الشأن السوري، قال “جانتس” أن أي سيناريو ينبثق عن الحرب الأهلية الجارية في سوريا هو أمر ضار لإسرائيل.

وأكمل جانتس: “وكلما تخيلت الوضع بأي طريقة أري أنه سلبي للغاية. فإذا نجا الأسد، ستكون إيران هي المسيطرة على الوضع. ولو سقط، سيكون هناك جهاد عالمي … وحتى لو بقي (الأسد) في السلطة، سيتم تقسيم سوريا. ولن تختفي قواته العسكرية.”

وأكمل “جانتس” أن الوضع الأكثر تحديًا هو عدم الاستقرار الناتج عن تفكك الدول القومية، والحدود غير واضحة المعالم والمعارضين الجُدد الغير خاضعين للحكومات المُعترف بها وبالتالي يصعب ردعهم واستهدافهم.

وصرح ضابط مسئول في إسرائيل بأنه: “يتم استبدال الحدود السياسية لتحل محلها الحدود القبلية والعرقية والدينية. وأن النظام الذي كان يمثل خطرًا، ولكنه متوقع، هو أكثر مرونة الآن. وهذا التفكك هو أكثر صعوبة وتعقيدًا.”

وتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي “موشيه يعالون” في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي في 28 يناير، حيث قدم مثالًا عن كيفية محاولة بعض الجهات السُنية الجديدة الفاعلة في لبنان والعراق – بعضها مرتبط بشكل حر مع تنظيم القاعدة – استفزاز إسرائيل للتورط في الصراعات الجارية بين السُنة والشيعة.

وأكمل “يعلون” كلمته: “لقد تم اختراق عناصر الجهاد العالمي في لبنان، وعدوهم الرئيسي هو حزب الله. كما قامت إحدى هذه المنظمات بإطلاق النار علينا في منطقة الجليل الغربية لأنهم اعتقدوا أننا سنرد الهجوم على حزب الله لكننا رفضنا الوقوع في فخهم.”

كما أَقَرَّ الجنرال ” أفيف كوخافي”، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية، بصحة تقييمات معهد دراسات الأمن القومي التي تقول بأن حالة حزب الله غير الشرعي وحماس الضعيفة ساهمت في تضاءل الخطر والتهديدات في جنوب لبنان وغزة ولو بشكل مؤقت. ومع ذلك، تبقي إسرائيل في خطر من قِبل 170 ألف صاروخ وقذيفة، في حين أسفرت التحولات الاستراتيجية الإقليمية عن وجود لعناصر الجهاد بنسبة تحول “تقرب على 360 درجة” على طول حدودها.

كما ذكر “كوخافي” في اجتماع داخل معهد دراسات الأمن القومي في 29 يناير أن انتشار الميليشيات المنشقة عن الدولة يعني أن “90% من ساحات القتال لإسرائيل في المستقبل” ستكون في المناطق الحضرية.

وقال “جانتس”: “يقول الناس أننا في أفضل وضع استراتيجي؛ وأن حدودنا باتت هادئة الآن. ولكن في هذا العالم الذي يُسمي بالهادئ، لا يمر أسبوع فيه بدون أن يكون مطلوبًا منا أن نعمل.”

وفي اجتماع آخر تمّ هذا اليوم، ذهب الفريق “أمير ايشيل”، قائد القوات الجوية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك في نقاشه حول التقييمات التي تُصب في مصلحة البيئة التشغيلية لإسرائيل.

وقال “ايشيل” في اجتماع في 29 يناير في معهد فيشر لدراسات الطيران والفضاء الاستراتيجية في مدينة هرتسليا: “نحن في تحدي مستمر مع وضع نطلق عليه “حرب بين الحروب”.

وأضاف “ايشيل” أنه ما إذا استجابت إسرائيل للاستفزازات على حدودها أو إذا اتخذت اجراءات مُسبّقة لإحباط التهديدات “قبل أن تدخل حيز التنفيذ”، فإن البيئة الإستراتيجية تفرض على القوات العسكرية “القيام بعمليات كل يوم.”

البريد الإلكتروني: bopallrome@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا