سوريا: أهي تورط جديد للجيش السعودي؟

أفراد من الوحدات الخاصة في الشرطة السعودية أثناء مشاركتهم في عرض عسكري أقيم في مكة في 17 سبتمبر قبل موسم الحج السنوي. (صورة: محمد الشايخAFPغيتي إيمدجز)

أفراد من الوحدات الخاصة في الشرطة السعودية أثناء مشاركتهم في عرض عسكري أقيم في مكة في 17 سبتمبر قبل موسم الحج السنوي. (صورة: محمد الشايخAFPغيتي إيمدجز)

دبي وبروكسل – برغم تلقي الولايات المتحدة التزامات من حلفائها في منطقة الخليج بشأن المساهمة بشكل أكبر في الحملة التي يشنها التحالف الدولي في سوريا، لا تزال ثمة شكوك مثارة حول هذا الأمر بسبب تدخلهم العسكري القائم في اليمن.

علاوة على ذلك، رفضت دولتان على الأقل من أعضاء التحالف الدولي المناهض لداعش كافة التصريحات الصادرة عن عدد من المسؤولين السعوديين لم تُذكر أسماؤهم في وقت لاحق من هذا الشهر حول تجهيز قوة تتألف من 150 ألف مقاتل – تضم قوات من دول مجلس التعاون الخليجي والسودان ومصر والأردن- لغزو سوريا انطلاقاً من تركيا.

في حين أكد أحد المسؤولين الأردنيين أن بلاده لن تشارك في أي حملة تقودها تركيا أو أي دولة عربية لغزو سوريا ما لم يكن هناك تفويض من الأمم المتحدة بذلك وتكون القوات الغربية في طليعة هذه الحملة بالتنسيق مع روسيا.

وقال المسؤول الأردني مشترطًا عدم ذكر اسمه إن “الأردن لن ترسل أية قوات برية إلى سوريا ما لم تقُد الولايات المتحدة وبريطانيا هذه القوات”.  وأضاف: “لدينا حدود طويلة للغاية مع العراق وسوريا تمتد لأكثر من 500 كيلومتر. لذا لا يجب إرسال أية قوات برية بما في ذلك القوات الأردنية إلا بعد موافقة الأمم المتحدة وبعد التنسيق الكامل مع روسيا”.

وفي تصريحات له لوكالة رويترز في دبي في التاسع من شهر فبراير، قال محمد المبارك الصباح، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في الكويت، إنه على الرغم من أن الكويت تدعم الجهود الدولية المبذولة ضد الجماعات الإسلامية المتشددة، إلا أن دستور الدولة الخليجية يمنعها من خوض أية حروب سوى الحروب الدفاعية.

وأضاف: “تتكاتف الكويت مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة؛ فنحن على أتم الاستعداد وقادرون على توفير احتياجات شركائنا في الخليج في إطار ما يسمح به دستورنا”.

وأشار إلى أن دعم العمليات قد يقتصر فقط على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتوفير المنشآت التي يطلبها التحالف لتسهيل أنشطته.

وفيما يتعلق بالعمليات البرية، قال وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر، في تصريحات له في بروكسل في 11 فبراير، إنه تمت مناقشة العديد من الخيارات المتنوعة مع شركائنا العرب.

وأردف: “أولاً وقبل كل شيء، هناك تدريب خاص بكل من قوات الجيش والشرطة؛ فنحن بحاجة إلى قوات برية تشارك في هذا التدريب. ومن ثم يتم إعدادها، بما في ذلك القوات الشريكة المرافقة لها. هناك ما يمكن للقوات البرية أن تفعله؛ لقد تحدثنا بكل وضوح عن القوات الخاصة التي تمتلك قدرات خاصة ومميزة، لكنني لن أتحدث بشأن هذا الأمر هنا”.

وأضاف: “كما بحثنا الأمور التي تتعلق بالدعم اللوجستي والإمداد وإعادة الإعمار مثلما سيحدث في الرمادي. لذا فكل هذه الأنشطة سيشارك فيها شركاؤنا في التحالف، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، كما ناقشنا العديد من الموضوعات المختلفة اليوم خلال الاجتماع الفردي مع ولي ولي العهد وزير الدفاع وأيضًا خلال الاجتماعات الموسعة”.

وحول قدرة المملكة العربية السعودية على شن حرب على جبهتين في كل من سوريا واليمن، قال كارتر إنه لا يعتقد أنهم يرغبون في خوض هذا الأمر، لكنهم لديهم الإمكانات والرغبة في تسخير كافة الموارد للحرب على داعش.

وأضاف: “في نفس الوقت، لا يمكنني الحديث بالنيابة عنهم، لكننا نأمل بكل تأكيد، من أجلهم ومن أجل كل فرد من الشعب اليمني، أن تنتهي الأمور هناك لأن استمرار هذا الوضع لا يحمل خيرًا للشعب اليمني، وأنه لابد أن تستقر الأوضاع هناك وينتهي القتال”.

وبحسب كوباي شاباندر، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية ومدير شركة “دراغومان بارتنرز” الاستشارية ومقرها دبي، فإن الوجود السعودي في سوريا يعتمد على نطاق مشاركة المملكة.

وقال: “لقد طور السعوديون قدرات إسقاط استثنائية، لا سيما بما يمتلكوه من إمكانات في النقل الجوي، إلى جانب القوات الخاصة التي تطورت خلال السنوات القليلة الماضية”. وواصل: “تتركز قدرتها في التحرك السريع وإقامة الشراكات المحلية؛ إنها تتبع أسلوبًا على غرار الأسلوب الأمريكي؛ كما أنها وحدات تضم أفضل العناصر وصفوتها؛ إذ إنها وحدات سريعة ومتحركة وتتمتع بقدرات واسعة للتحرك والعمل في وقت قصير”.

واستطرد قائلاً: “وهذا يعني أن السعوديين لديهم القدرة على القيام بعمليات الإسقاط في جنوب تركيا بشكل سريع للغاية ولكن بمشاركة وحدات تكون لديها وظائف ومهام محددة”.

وقال إن الوضع في سوريا، مع ذلك، مختلف بالنظر إلى التعقيدات الجيوسياسية والتدخل الروسي والوجود الإيراني على الأرض في الشمال السوري.

وأضاف: “إن أي تدخل كامل لقوات تركية عربية تقليدية في الشمال السوري يتطلب غطاءً جويًا إما من قبل حلف الناتو أو التحالف الدولي”.

وحول مشاركة القوات السعودية في القتال الدائر في اليمن، قال شاباندر إن التحالف العرب يعي أنه سيكون هناك استنزاف مكثف للموارد والجهود، مما يشكل تحديًا في نفس الوقت أمام أي تورط في أي جبهة أخرى على نفس المستوى.

وأضاف: “لكن يمكن لهذا أن يتم بكل تأكيد في ظل وجود شراكة حقيقية مع الشركاء الاستراتيجيين في المجتمع الدولي”.

واستطرد مستخدمًا اسمًا بديلاً لتنظيم الدولة الإسلامية: “إن التحدي اللوجستي لا يعيق إرسال عناصر التدخل السريع وعناصر الاستطلاع والمراقبة إلى الحدود السورية الأردنية أو الحدود السورية التركية بمشاركة من قوات أردنية أو تركية، ولكن العامل الهام في نهاية المطاف هو: هل سيوفر الناتو و/أو الولايات المتحدة الغطاء الجوي اللازم لتحقيق استقرار المهمة ضد داعش بنجاح في الشمال والجنوب السوريين؟” وواصل: “دعونا لا ننسى أن القصف الجوي الروسي المستمر يُمكِّن لداعش فعلاً في شمال سوريا وضواحي دمشق، وذلك بحسب التقارير الصادرة عن الجيش”.

وأضاف أن المقاتلين الشيعة المتطرفين الأجانب الذين يتم نقلهم جوًا إلى سوريا سينظرون لجهود التحالف العربي في سوريا باعتبارها تهديدًا مباشرًا لأن القوات الشيعية المتطرفة التي تقاتل على جبهة حلب هم عملاء تابعون للحرس الثوري الإيراني، لذا فهم أساسًا من نفس سلالة القوات الحوثية في اليمن.

وفي هذا الصدد، قال ماثيو هيدجيس، الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية الخليجية، الوجود العسكري السعودي في اليمن يركز بشكل أساسي على حماية الحدود الجنوبية.

وأضاف: “بغض النظر عن الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية، فإن القوات المسلحة السعودية تعمل حاليًا انطلاقًا من قواعد داخل المملكة بمشاركة قيادة قوات الدفاع الجوي، وهي الأكثر انشغالاً من بين جميع الأفرع”.

وقال هيدجيس إن المملكة العربية السعودية ستنشر على الأرجح وحدات عمليات خاصة وطائرات مقاتلة وبعض القوات المقاتلة؛ ومع ذلك، فمن المرجح ألا تنشر أكثر من 3500 مقاتل و6500 من أفراد الدعم – وهي نفس الأعداد العاملة في اليمن.

وأضاف: “إن نوعية القوات المقاتلة سواء في المسرح اليمني أو السوري سوف تتأثر كثيرًا بهذا القرار. وبما أن القوات ليس لديها سوى خبرة قتالية سابقة جزئية فحسب، فإنه من غير المحتمل أن يكون هناك ما يكفي من القوات الجاهزة والقادرة على المساهمة على كلا الجبهتين. وقد أدى هذا إلى اقتراح أن دخول المملكة العربية السعودية في حرب برية في سوريا هو لحث المجتمع الدولي على تشكيل تحالف دولي لمواجهة التطرف الإسلامي والإطاحة بنظام الأسد”.

ووفقًا لبول سوليفان، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني، فإنه ينبغي على المملكة العربية السعودية أن تحرص على ألا تنهك جهودها العسكرية والدبلوماسية، كما أنه من الممكن أن تكون سوريا بمثابة “رمال متحركة” بالنسبة لهم.

وأضاف: “إذا لم تتدخل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرهما من دول مجلس التعاون الخليجي، فقد يتم التوصل لحل مؤقت فقط للوضع في سوريا”. يرى الكثير أنه يجب على الجنود والبحارة والطيارين المسلمين أن يجدوا حلاً لمعضلة داعش. إن هذا الأمر يفتقد لبعض الدقة؛ حيث إن المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج يواجهون العديد من التهديدات.

وواصل: “السؤال الهام حقيقةً بالنسبة للوضع في سوريا هو ما إذا كان المزيد من التدخل العسكري من شأنه إنهاء هذه التهديدات أم سيجعلها أسوأ من ذي قبل. وهذا يتوقف حقًا على كيفية إنهاء هذه الحرب، والأهم من ذلك هو كيفية إعادة إعمار سوريا، وأن يُمنح للشعب السوري الأمل والعمل والسكن بعد إنهاء هذه الحرب”.

Read in English

...قد ترغب أيضا