حديث صحفي: الجنرال بيتر بافيل، رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو

الجنرال أصبح بيتر بافل رئيسًا للمجلس العسكري لحلف الناتو في يونيو. (صورة: مجاملة من الناتو)

الجنرال أصبح بيتر بافل رئيسًا للمجلس العسكري لحلف الناتو في يونيو. (صورة: مجاملة من الناتو)

هاليفاكس، نوفا سكوتيا – تقلد بيتر بافل في شهر يونيو منصب رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو، وهو أول قائد من دولة عضو سابق في حلف وارسو ليكون بمثابة ضابط عسكري كبير في الحلف. عمل خلال حياته العملية، التي امتدت لـ32 عامًا، كضابط استخبارات وقائد القوات الخاصة قبل أن يصبح أكبر مسؤول عسكري في جمهورية التشيك في عام 2012.

وقد ثبت أن فترة بافل القصيرة في منصبه الحالي تُعتبر وقتًا عصيبًا بالنسبة للتحالف؛ إذ أثار توغل روسيا في أوكرانيا التوترات في جميع أنحاء أوروبا الشرقية، حيث توجد العديد من البلدان التي انضمت للحلف مؤخرًا. كما بدأت تركيا، الدولة العضو في حلف الناتو، بشن غارات جوية في يوليو ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وبعد شهرين، أطلقت روسيا حملتها العسكرية في سوريا، الأمر الذي يزيد من تعقيد الجهود الدولية في المنطقة.

ذلك في حين حفزت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس في 13 نوفمبر مزيدًا من الدول الأوروبية للمشاركة في القتال الدائر ضد تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف غالبًا باسم داعش، وتجدد النقاش حول أفضل السبل للتعامل مع طوفان اللاجئين القادمين من سوريا والدول الأخرى التي تعاني من اضطرابات داخلية.

وتحدث مع بافيل ديفينس نيوز في نوفمبر في منتدى هاليفاكس للأمن الدولي في كندا. كما يتضمن هذا الحديث أسئلة استيضاحية.

س. ما الذي تغير منذ هجمات باريس؟ هل غيرت من تفكيركم واحتياجاتكم؟

جـ. إذا لم تغير الأحداث الأخيرة من آرائنا، فإننا بذلك نكون قد فشلنا. علينا أن نغير الكثير من الأشياء، بما في ذلك تفكيرنا بشأن كيفية عملنا وما الذي علينا القيام به في المستقبل، وأين نستثمر أموال دافعي الضرائب لدينا وفي أي شيء نستثمرها. سيتعين علينا فعل المزيد سواء من حيث الأمن الخارجي أو الأمن الداخلي. وبوضوح، فإن كثيرًا من الأمور، مثل حرية التنقل في جميع أنحاء أوروبا، وعدم وجود موارد لأجهزة الأمن الداخلي وهيئات إنفاذ القانون لمتابعة عدد من الناس الذين يشكلون تهديدًا محتملاً، وكذلك توفير الرصد الدائم لجميع الشبكات، تخلق وضعا جديدًا حيث سيكون من الضروري توفير المزيد من الموارد.

س. غالبًا ما تتعقب وكالات الاستخبارات التابعة للدول المعلومات التي قد لا تصل بسلاسة إلى المسؤولين عسكريين. بناءًا على خلفيتك في مجال الاستخبارات، فهل هناك الكثير ينبغي القيام به من حيث تبادل المعلومات الاستخباراتية؟

جـ. هناك فجوة كبيرة في تبادل المعلومات الاستخباراتية، ليس فقط بين الوكالات المدنية والعسكرية، بل أيضا بين الدول والمؤسسات. يجب علينا أن نجعل تدفق المعلومات الاستخباراتية بين مختلف الوكالات في الدول انسيابيًا وبسيطًا. وإذا لم نفعل ذلك، فلن نتمكن من تعقب عدد كبير من الناس، لرصد كافة الشبكات. وكان واضحًا جليًا بعد هجمات في باريس أنه قد تم تكثيف تبادل المعلومات بين الولايات المتحدة وفرنسا والعديد من الحلفاء الآخرين. لكن المشكلة تكمن في تبادل المعلومات الاستخباراتية، سواء في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، أو بين حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ونأمل أن تؤدي كل هذه الأحداث إلى الاعتراف بأننا بحاجة إلى مزيد من المرونة وحسن النية في هذا الأمر.

س. جميع أعضاء حلف الناتو مشاركون إلى حد ما في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. فبعد الهجمات التي شهدتها باريس، هل تغيرت القائمة المفضلة بالنسبة لكم من حيث الأسلحة؟ هل ستغيرون طريقة التمويل وتخصيص الموارد؟

جـ. حلف الناتو لا يشارك في الحملة ضد تنظيم الدولة بصفته الرسمية، بل المشاركة فردية من قبل الدول الأعضاء. وبالنسبة للمستقبل، أعتقد أن هذا ليس جيدًا بما فيه الكفاية. سيكون على حلف الناتو أن يشارك بشكل أكبر في عمليات محاربة داعش. كما سيكون من الضروري مناقشة شكل ومستوى المشاركة في المستقبل القريب. أما فيما يتعلق بالموارد، أعتقد حقًا أنها ليست مسألة عسكرية بشكل خاص. فلا بد أن توضع الموارد في إطار مجموعة متنوعة من الإجراءات الأوسع نطاقًا. فإن التمويل لا بد وأن يُوجه إلى وكالات الاستخبارات وهيئات إنفاذ القانون والجمارك وغيرها من المجالات التي يمكن أن تسهم في حزمة شاملة. كما سيتوجب علينا أيضًا أن نستخدم أدوات أخرى للتأثير على أنشطة داعش وقطع تدفق الأموال من وإلى التنظيم، إضافة إلى تدفق التعزيزات والدعم المادي. فكل هذه الإجراءات ضرورية لمواجهة داعش بشكل فعال.

س. هل يمكنكم شرح القضية المتعلقة بإعاقة موارد داعش بمزيد من التفصيل؟ فحسب ما ورد إلينا مؤخرًا من تقارير، فإن التنظيم يجني 50 مليون دولار شهريًا من عائدات النفط وحدها.

جـ. يقول الجندي البسيط بحسه السليم: إذا كان هناك أحد يريد أن يجني ثروة من خلال النفط، فإنه بحاجة إذن إلى بيعه في مكان ما والحصول على المال مقابل ذلك. فمن يشتري النفط إذن؟ ومن يوفر الأموال؟ أعتقد أننا بكل تأكيد على علم بعض الشيء بشأن تدفق هذه السلع وتدفق الأموال، وعلينا قطع هذا التدفق.

ونفس الأمر ينطبق على التعزيزات والأفراد. إننا نعلم من أين يأتي هؤلاء الأفراد، ومن أي قنوات ينفذون، وعلينا قطع هذه السبل عليهم. وغالبًا ما ترتبط هذه الأنشطة المتطرفة بالجريمة المنظمة. فحيثما توافرت الأموال، توجد أيضًا الجريمة المنظمة، وتكون هناك العديد من المصالح المختلفة. فإذا كنا نرغب حقًا في معالجة قضية داعش الكبيرة والمعقدة بشكل فعال، علينا إذن معالجتها على مستويات عدة وأن نكون عنيدين للغاية لتحقيق النتائج المرجوة.

س. أبرزت أحداث باريس صعوبات التعامل مع الإرهابيين الذين وُلدوا ونشئوا في أوروبا، إذ قد لا يلفت ما يتمتعون به من حرية التنقل عبر الحدود إلى جميع أنحاء أوروبا انتباهًا بقدر ما يلفته المواطن الأجنبي. في ضوء القضية المتعلقة بالمقاتلين الأجانب الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من قوات تنظيم الدولة الإسلامية، فأي نوع من الموارد تحتاجونها لتعقب المقاتلين الأوروبيين عند عودتهم إلى بلادهم؟

جـ. هذه هي أكثر القضايا أهمية بالنسبة لوكالات الأمن القومي الداخلي وهيئات إنفاذ القانون والجمارك والجيش. إن الأفراد الذين يتحركون ذهابًا وإيابًا هم تحت أعيننا بشكل جيد للغاية؛ فالمؤسسات الأمنية تراقبهم. علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت هذه الإجراءات جيدة بما فيه الكفاية. أليس من الواجب علينا أيضًا أن نتخذ بعض الإجراءات القانونية، ربما لجعل ذلك العمل عملاً إجراميًا – فإذا قرر مواطن أن يذهب للخارج للعمل ضمن قوة عسكرية أو شبه عسكرية معادية لبلده/ها، فينبغي أن يخضع أو تخضع للمحاكمة. وإذا وضعنا كل هؤلاء الناس في السجن، سنكون في وضع أفضل بكثير بحيث يتضح لنا أين هم وماذا يفعلون. ربما تكون هذه الإجراءات قاسية بالنسبة للبعض، ولكن لا بد أن تبحثها الدول.

وهناك إجراء آخر أفضل وهو أن نسيطر على السوق السوداء للسلاح؛ فإذا عملنا بشكل أكثر حسمًا في هذا المجال، فإننا قد نجعل بذلك وصول أولئك الناس إلى هذه الأسلحة أكثر تعقيدًا. وعندما أتحدث عن منهج متعدد المستويات، تكون التدابير الداخلية بالطبع إحدى هذه المستويات، حيث تضطر الدول إلى القيام بمزيد من العمل مع الأقليات، للتركيز على الجوانب الإيجابية والتقدمية لهذه الأقليات لجعلها أكثر انخراطًا في الجهد العام. لقد حان وقت الجلوس لتقديم خطة شاملة حقيقية ضد داعش، وتقسيم الأدوار وتحديد مسؤولية المنظمات المختلفة بشأن جوانب محددة من هذه الحملة، إضافة إلى توفير الأدوات المناسبة للجوانب ذات الصلة من العمل.

س. هل ترون دورًا للناتو فيما يتعلق بالأمن الحدودي بين الدول الأوروبية، أم هناك شيء ما أفضل متروك لكل دولة على حدة؟

جـ. أود أن أقول أن هذه القضية هي على مستوى الدول بشكل أكبر، لأن حماية الحدود وقت السلم ليست من دور الناتو. ومع ذلك، فقد أتصور أن تطلب بعض الدول تحت ظروف معينة المساعدة من حلف الناتو من حيث الأصول الاستخباراتية وأصول المراقبة لمساعدتها في توفير حماية أفضل لحدودها. ولكن عادة ما تكون الدول لديها مواردها الخاصة لاستخدامها في هذه الأنشطة، ولذلك فأنا لا أرى أن للناتو دورًا في مشاركة أكبر لحماية الحدود.

س. ما هو نوع الطلبات التي تلقيتموها من قبل الدول الأعضاء في أعقاب هجمات باريس؟ وما هو نوع المخاوف التي يتم مناقشتكم بشأنها؟

جـ. بشكل عام، تلقينا القليل من الطلبات. معظم الطلبات قدمتها تركيا لتعزيز العديد من القدرات، معظمها يتعلق بالدفاع الجوي والدفاع الصاروخي الباليستي وأنظمة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. ولكن بخلاف ذلك، فكل دولة تستخدم قدراتها الخاصة؛ علاوة على ذلك، فهذه قضية الاتحاد الأوروبي أكثر منها قضية الناتو. ولذلك تمت مناقشة معظم هذه القضايا المتعلقة بأمن الحدود والأمن الداخلي في الاتحاد الأوروبي، وليس في حلف الناتو.

س. إلى أي مدى عقّد إسقاط تركيا لطائرة روسية من توقعات حلف الناتو بشأن الحملة ضد داعش؟ هل المخاطر أكبر الآن بالنسبة لحلف الناتو مما كان عليه الحال الشهر الماضي عندما تحدثنا في هاليفاكس؟

جـ. روسيا انتهكت المجال الجوي التركي مرارًا وتكرارًا وتركيا لديها الحق في الدفاع عن مجالها الجوي سلامة أراضيها. ولكن هذا الحادث يبرز الحاجة إلى وضع آليات دولية لبناء قدرًا من الشفافية والتوقعية للحد من مخاطر وقوع هذه الحوادث. وبالنسبة للمخاطر، فإن الموقف الحالي للمحادثات المنعقدة في فيينا يعطي أملاً نحو إيجاد منهج مشترك لمحاربة داعش.

بريد إلكتروني: aclevenger@defensenews.com

تويتر: @andclev

Read in English

...قد ترغب أيضا