تزايد الدور الأوروبي في سوريا، ولكن إرسال قوات على الأرض غير محتمل

 

طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز Tornado تعود إلى قاعدة أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص في أول طلعة بعد موافقة الحكومة البريطانية على شن غارات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وقد أرسل سلاح الجو الملكي البريطاني طائرتين إضافيتين من طراز Tornado وست طائرات من طراز Typoon لدعم الطائرات التي تشن غارات جوية في سوريا والعراق. (صورة: مات كاردي/غيتي إيمدجز)

طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز Tornado تعود إلى قاعدة أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص في أول طلعة بعد موافقة الحكومة البريطانية على شن غارات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وقد أرسل سلاح الجو الملكي البريطاني طائرتين إضافيتين من طراز Tornado وست طائرات من طراز Typoon لدعم الطائرات التي تشن غارات جوية في سوريا والعراق. (صورة: مات كاردي/غيتي إيمدجز)

واشنطن وأنقرة – صوت البرلمان البريطاني والألماني الأسبوع الماضي على توسيع الدور الأوروبي في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، غير أن العديد من المحللين يعتقدون أن عملية إضافة قوات أوروبية هي عملية رمزية أكثر منها مغيرة لقواعد اللعبة – وأنه لا يزال من غير المحتمل أن يتم إرسال قوات برية للمشاركة في القتال على الأرض.

وجدير بالذكر أن البرلمان البريطاني أقر في الثاني من ديسمبر شن غارات جوية في سوريا بموافقة 397 عضوًا مقابل رفض 223 آخرين. وبعد أقل من يوم واحد، بدأت طائرات تابعة سلاح الجو الملكي من طراز Tornado بضرب أهداف على الأرض. وكانت بريطانيا تشارك بالفعل في جهود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

ثم قام المشرعون الألمان بعد ذلك بالتصويت في الرابع من ديسمبر على إرسال ست طائرات استطلاع من طراز Tornado وطائرة وقود، فضلاً عن العديد من أفراد الدعم، للمساعدة في الجهود المبذولة، بموافقة 445 عضوًا مقابل رفض 146 آخرين. كما سيرسل الألمان أيضًا فرقاطة لمرافقة حاملة الطائرات الفرنسية Charles de Gaulle وهي تشن الهجمات داخل سوريا.

ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فهذه الإضافة محل ترحيب؛ حيث دعت إدارة أوباما باستمرار الحلفاء في أوروبا ودول الخليج إلى بذل المزيد من الجهد في سوريا.

وفي ضوء ذلك قال آش كارتر، وزير الدفاع الأمريكي، متحدثًا في الكابيتول هيل في الأول من ديسمبر، أنه يأمل “أن تحفز الهجمات التي وقعت في باريس دول أوروبا بكاملها على بذل المزيد من الجهد، لأنهم بحاجة إلى فعل ذلك”.

ودعا ألمانيا على وجه التحديد قائلاً أن القوة الأوروبية على ما يبدو “قادرة على فعل المزيد …. نريد لها أن تفعل المزيد”.

وقال إيما أشفورد، من معهد كاتو بواشنطن، أن ألمانيا أحست ببعض الضغوط “إذ يبدو وكأنها سترد على هذه الهجمات بطريقة أو بأخرى” نظرًا للدور الذي تقوم به في الاتحاد الأوروبي وكذلك علاقاتها مع فرنسا. وعلى نحو مماثل، صرح دوغ باري، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن، أن مسألة مشاركة المملكة المتحدة شبه مضمونة بسبب علاقاتها مع كل من فرنسا والولايات المتحدة.

ولكن اتفق كلاهما على أن هذه التحركات ستكون رمزية أكثر منها مغيرة لقواعد اللعبة، حيث أشار أشفورد إلى أن الولايات المتحدة “ترغب في رؤية مزيد من الدول تساهم في هذا التحالف بشكل ملموس، ولكن هذا لن يحل مشكلة داعش بشكل عملي … بل هو جهد سياسي لا بأس به”.

ومع ذلك، قال باري أن هذه المرونة الجوية الإضافية “تضيف مزيدًا من المنصات، كما تساعد على تخفيف الضغط عن الدول التي تعمل هناك بالفعل”.

هل ستنضم الدول الأوروبية الأخرى إلى هذه الجهود؟

هذا غير واضح؛ حيث قال أشفورد أن عددًا قليلاً من الدول الأوروبية لديها القدرة على التأثير بشكل كبير على القتال.

على الأقل أقرت دولة واحدة بأنها تعرضت لضغوط سياسية لتوسيع قاعدة عملياتها في سوريا؛ إذ نُقل عن وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز قوله، في الثالث من ديسمبر، بأن حكومته تلقت عدة طلبات من كل من فرنسا والولايات المتحدة بالانضمام إلى التحالف الذي يقوم بقصف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وأضاف كوندرز ، “هولندا دولة صغير كانت فعالة للغاية في الحرب على داعش”. “ولكن يمكننا أن نتخذ هذا القرار بمجرد أن توزن الجوانب العسكرية والسياسية في سوريا بشكل صحيح”.

والخطر الذي تواجهه أوروبا الآن هو احتمال أن تُستدرج الدول الشريكة في حلف الناتو إلى الصراع شاءت أم أبت؛ حيث تزداد حدة التوتر بين تركيا وروسيا عقب قيام طائرات تركية من طراز F-16 بإسقاط طائرة روسية من طراز Su-24 أواخر نوفمبر الماضي – وهي المرة الأولى التي تقوم فيها دولة عضو في حلف الناتو بإسقاط طائرة حربية روسية أو سوفييتية منذ خمسينات القرن الماضي.

ونتيجة لذلك، أصدرت روسيا سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الانتقامية ضد تركيا وقامت بنشر أنظمة الدفاع الصاروخي أرض-جو S-400 في سوريا، الأمر الذي قد يتسبب في مهاجمة الطائرات داخل المجال الجوي التركي كرد مستقبلي. كما بدأت في إرسال طائرات مقاتلة جو-جو من طراز Su-30 في طلعات ترافق طائراتها التي تقوم بشن الغارات.

وفي هذا الإطار، قال باري أن ذلك يخلق وضعًا خطيرًا على نحو متزايد فوق سوريا، بينما تبحث الولايات المتحدة وأوروبا عن سبل نزع فتيل التوتر بين موسكو وأنقرة – الأمر الذي ينعكس من تصريحات كبار الدبلوماسيين في المنطقة.

وقال أحد سفراء حلف شمال الأطلسي في أنقرة، “نريد التأكد من عدم تفاقم الأمر وألا تتحول الأزمة بين تركيا والناتو إلى أزمة بين الناتو وروسيا.

وأضاف سفير للاتحاد الأوروبي في أنقرة، “لن نسمح لروسيا بأن تضع قواعد اللعبة في المنطقة”. “إنهم يستغلون الحادثة بشكل واضح”.

قوات برية على الأرض

في أعقاب هجمات باريس، كانت هناك عدة تكهنات حول إمكانية أن ترسل فرنسا “قوات برية على الأرض” التي ترددت إدارة أوباما في إرسالها – الأمر الذي يبدو الآن أنه غير محتمل.

وقال باري، “أعتقد أن هناك حالة من الاستقرار في هذا الصدد الآن”. “فهناك تحفظ على إرسال أية قوات برية لخوض المعارك على الأرض بالنظر إلى التجارب السابقة في المنطقة”.

بينما ذكر أشفورد أن المملكة المتحدة قد ترغب في نشر وحدات صغيرة من القوات الخاصة مثل الولايات المتحدة.

وأضاف، “لا أعتقد أن ثمة احتمال أن تنشر أية دولة من هذه الدول قوات على نطاق واسع ما لم تتغير الأمور بشكل كبير”.

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تعزز في الوقت نفسه من وجودها على الأرض، حيث أعلن كارتر أثناء وجوده في الكابيتول هيل أن “تشكيلاً من قوات التدخل السريع الخاصة” قد يقوم بعمليات من جانب واحد في سوريا، بما في ذلك القيام بحملات المداهمة وجمع المعلومات الاستخباراتية وإنقاذ الرهائن وأسر قادة بارزين من تنظيم الدولة الإسلامية.

وأضاف كارتر، “هذا بمثابة تحذير للأعداء بأنهم قد لا يعرفوا من أين تأتيهم الضربة ومتى”.

ووصف جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، ما أعلنه كارتر بأنه “خطوة متأخره للأمام” و”لكنها خطوة إضافية تفاعلية أخرى … ضمن سياسة سمحت بانتشار تهديد داعش في ليبيا وأفغانستان وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم”.

وكان ماكين والسيناتور ليندسي غراهام، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ساوث كارولينا، قد طالبا قبل أسبوع بإرسال 20000 جندي إلى المنطقة- 10000 جندي إلى العراق و10000 جندي إلى سوريا. كما يسعى غراهام، وهو عضو كذلك في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أيضًا إلى نيل ترشيح حزبه لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية.

ساهم كل من جو غولد بواشنطن ووكالة فرانس برس بلاهاي في إعداد هذا التقرير.

بريد إلكتروني: amehta@defensenews.com | bbekdil@defensenews.com

تويتر: @AaronMehta

Read in English

...قد ترغب أيضا