تعليق: شروط الصفقة النووية الإيرانية

Image 3 of 4

 وصف معارضين في الكونغرس على كلا الجانبين الجمهوري والديمقراطي اتفاقية الشرق الأوسط بكونها الاتفاقية “الأكثر خطورة” إذ إنها قد تدعم أنشطة دولة معادية سعت دومًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة. ومع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي “معارضته دون تحفظ” لتلك الاتفاقية، فقد جاء رد الرئيس الأمريكي تعقيبًا بأنه لم يكن أبدًا من شأن الدول الأخرى التدخل في السياسة الخارجية الأمريكية، فلطالما حارب اللوبي الإسرائيلي باستماتة لإفشال تلك الاتفاقية. لذا، فستكون هناك مواجهة حاسمة في مجلس الشيوخ حيث سعى أعضاء في حزب الرئيس وراء دعم الرئيس بدون مراعاة المخاطر المحتملة على إسرائيل.

في عام 1981، كان الرئيس الأمريكي وقتها هو رونالد ريجان ورئيس الوزراء الإسرائيلي هو مناحم بيجين. في هذا الوقت، كانت صفقة بيع خمسة طائرات إنذار مبكر E-3 AWACS للمملكة العربية السعودية. وجاء تصويت مجلس الشيوخ بعدم البيع كضربة موجعة، لكن وبالرغم من ذلك، فاز ريجان. وكنتيجة لذلك، كان لدى الولايات المتحدة الأمريكة الحليف القوي في المملكة السعودية عند غزو صدام حسين الكويت في عام 1990، إذ كان سيصبح من الصعب تنفيذ عاصفة الصحراء لو فشلت تلك الصفقة وصفقة بيع طائرات F-15 المثيرة للجدل التي سبقتها.

اتضح بعد ذلك أن بيع طائرات AWACS وطائرات F-15 للسعودية كانت خطوة ممتازة؛ إذ إن السلطة التنفيذية اختارت تزويد الكونغرس بسلسلة من الشروط التي طمأنت أعضاء مجلس الشيوخ المتشككين. فقد قُصرت مهام الـ F-15 المقدمة للسعودية على المهام الدفاعية والمدى القصير. أما بالنسبة لطائرات AWACS، فقد وضعت لها ستة شروط أكثر شموليةً، وردت في خطاب للرئيس من زعيم الأغلبية حينها، هوارد بيكر، وقبلتها إدارة الرئيسريجان  وشهد باستيفاء جميع شروطها في عام 1986– والتي تتضمن سر التقنية والوصول المحدود للمعلومات والرقابة على مشاركة طرف ثالث، والقيود المفروضة على عمليات الطيران واتفاقيات بشأن هيكلة الإدارة وكذلك شهادة رئاسية أن البيع سوف يُسهم في تحقيق السلام الإقليمي.

بالتأكيد إن الخلاف القائم في الكنغرس حاليًا بشأن الصفقة النووية مع إيران مختلف عن مسألة عدم توريد الولايات المتحدة الأمريكية الأسلحة لدول الشرق الأوسط. لكن هذا الخلاف أيضًا يسعى لتقييد قدرات الولايات المتحدة. لذا، ينبغي لإدارة أوباما مراجعة تاريخ عقد صفقات طائرات F-15 و AWACSلتجد طريقة للفوز في هذا التصويت.

“قد تكون الظروف التي تعكس سياسة الولايات المتحدة والتي لا تتطلب أية موافقة من إيران كافيةً لتقرر التصويت بدون الإخلال بالاتفاق الكامن”.

وقد قدم رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس اقتراحًا مع تلك السطور في شهادة مجلس الشيوخ الأخيرة. فبعد تحليل نقاط ضعف الاتفاقية، لاحظ هاس العوائق الرئيسية التي ستتبع مسار أي قرار مشترك من الكونغرس بعدم الموافقة. واقترح ربط التصويت إما بالتشريعات أو ببيان من البيت الأبيض يوضح سياسات الولايات المتحدة على المدى الطويل بخصوص التزام إيران وبرنامجها النووي طويل الأمد وممارساتها في المنطقة.

وقد رفضت إدارة أوباما وضع أية شروط بسبب تخوفها من تراجع إيران عن الاتفاقية أو أن تضع شروطها الخاصة. بالإضافة إلى أن الإدارة تشعر أنه يمكنها الفوز بدون فرض شروط. بل قد تكون الشروط التي تعكس سياسة الولايات المتحدة والتي لا تتطلب موافقة من إيران كفيلة بإقرار التصويت بدون الإخلال بالاتفاق الكامن.

ويشير قرار السناتور تشارلز شومر بمعارضة الصفقة إلى أنه قد يصدر قريبًا التصويت بالاحتفاظ بحق الفيتو. لكن مع وجود الكثير من الديمقراطيين مترددين إلى أي جانب عليهم أن ينحازوا، فربما حان الوقت للإدارة لإعادة النظر في وضعية الشروط قبل فقدان المزيد من الأصوات. فمن خلال الشروط المناسبة، فحتى شومر قد يعود لصفوف الموالين.

ويمكن من خلال الثلاثة شروط التالية أن تتغير المعادلة السياسية الحالية، واضعة الضمانات الكافية للمتشككين مع إمكانية التفاوض على تفاصيل محددة مع أعضاء الكونغرس المترددين.

أولًا: يمكن للبيت الأبيض أن يصرح أنه سيكون مُستعدًا لاستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر لمنع إيران من امتلاك قوة نووية وأن الولايات المتحدة سوف تستمر في متابعة هذه السياسة خلال مدة الـ 10 – 15 سنة الخاصة بالاتفاقية.

ثانيًا: يمكن للبيت الأبيض أن يُعلن تزويده أجهزة الاستخبارات الأمركية بالتمويل الكافي لتحقيق أقصى قدر من توقعات الكشف المبكر للخداع الإيراني بما يشمل تكملة نظام التفتيش الدولي الوارد نصه في الاتفاقية. كما قد يُضيف البيان أن التأخيرات الإيرانية في قضايا الامتثال لا يمكن التغافل عنها وأن الولايات المتحدة لن تترد في الاتصال بالمجتمع الدولي لممارسة بند العقوبات المفاجئة في الاتفاقية.

وثالثًا: يمكن للبيت الأبيض أن يعلن أنه سيقدم الدعم العسكري الإضافي لحلفائه في المنطقة، بما يشمل المزيد من الصورايخ الدفاعية والأسلحة التقليدية، إذا رغبت إيران في الاستفادة من حظها لتحقيق المزيد من عدم الاستقرار. وربما يقترح البيان أيضًا إلى أنه سيسعى لعكس رفع حظر الأسلحة التقليدية والصواريخ على إيران في حالة استمرت إيران في زعزعة استقرار المنطقة.

إذا رفض الكونغرس الاتفاقية، فستُرفع أغلب العقوبات الدولية بغض النظر، وربما تتشجع إيران على الإخلال بالاتفاقية، وبالتالي سوف تُلام الولايات المتحدة على ذلك. لذا، يمكن للإدارة الأمريكية، من خلال استخدام نفس منهجية بيع طائرات F-15 و AWACS سابقًا، أن تتمكن من تجنب النتائج السلبية المستقبلية.

__________

في عام 1981، استطاع هانز بينينديجيك، والذي هو الآن زميل بارز في Johns Hopkins University’s Center for Transatlantic Relations (مركز جونز هوبكنز للعلاقات عبر الأطلسي) إدارة صفقة بيع طائرات F-15 و  AWACS للسعودية بينما كان في فريق لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. ثم ترأس بعد ذلك منصب مدير National Security Council director for defense policy (مجلس الأمن القومي لسياسة الدفاع الأمريكية) في إدارة كلينتون.

Read in English

...قد ترغب أيضا