إسرائيل تحصن القبة الحديدية من أجل حرب مستقبلية

دفاع أقوى: اعترض صاروخ أطلقته القبة الحديدية الإسرائيلية صاروخ آخر قصير المدى قادم من غزة في 22 أغسطس. تريد إسرائيل تعزيز النظام تحسبًا لتهديدات أكثر قوة. (جاك جويز/ إيه إف بي/ جيتي إيميدجز)

دفاع أقوى: اعترض صاروخ أطلقته القبة الحديدية الإسرائيلية صاروخ آخر قصير المدى قادم من غزة في 22 أغسطس. تريد إسرائيل تعزيز النظام تحسبًا لتهديدات أكثر قوة. (جاك جويز/ إيه إف بي/ جيتي إيميدجز)

تل أبيب — تستخدم إسرائيل التمويل الكبير من واشنطن وتتعلم من حربها المضادة للصواريخ التي استمرت 50 يومًا في غزة لتحصين القبة الحديدية ضد التهديدات الأشد خطورة التي تلوح في الأفق وراء حدودها الشمالية.

ومع ما يقدر بنحو 100 ألف صاروخ في أيدي حزب الله اللبناني والحرب المستعرة وراء حدودها مع سوريا، يقول المسؤولون هنا أن أداء القبة الحديدية ضد الصواريخ التي أطلقتها غزة قد يكون مجرد إحماء وبداية لحروب قادمة أكثر قوة.

ووفقًا لبيانات رسمية من عملية الحافة الواقية، فإن بطاريات القبة الحديدية تحتوي على 735 صاروخ اعتراض، وهو ما يمثل حوالي 90 في المئة من القذائف التي أطلقتها غزة والتي، من دون التصدي لها، كان من الممكن أن تسقط في مناطق مأهولة بالسكان. جزء كبير من الصواريخ التي أطلقتها غزة إما فشلت في الوصول إلى إسرائيل أو تم تصنيفها من قِبل القبة الحديدية بأنها صواريخ لا تمثل “تهديدًا” متجهة إلى مناطق مفتوحة.

قبل عامين، واجه النظام أول قتال مستمر له في عملية عمود الدفاع. في هذه المعركة الت استمرت ثمانية أيام، حقق النظام نجاحًا بنسبة 84 في المئة، واعترض 421 صاروخ أطلقته غزة والتي حددها النظام بأنها أهدافًا مشروعة.

وقال يوسي دراكر، المدير العام لقسم أنظمة التفوق الجوي في شركة رافائيل، الشركة المملوكة للدولة التي تطور وتنتج القبة الحديدية، أنه على الرغم من تحسن الأداء في هذه العملية الطويلة ضد تهديدات ثلاثية، إلا أن القبة الحديدية لم تُختبر بعد.

وقال دراكر أن: “نظام القبة الحديدية يمتلك قدرات كامنة لم تُختبر بشكل كامل سواء في عملية عمود الدفاع أو في عملية الحافة الواقية حيث كنا، مع كل الاحترام، نتعامل مع حماس.”

وقال أن التحدي الحقيقي سوف يأتي من الشمال “فبالنسبة للبنان، سيكون الوضع مختلف.”

وقال عوزي روبين، المدير السابق لمنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي ومستشار دولي في التهديدات الناشئة، أن كمية الصواريخ محلية الصنع التي أُطلقت في عملية الحافة الواقية كشفت عن الاكتفاء الذاتي المتزايد في الصناعة من قِبل الجماعات في غزة.

وقال روبين عن القدرات المحلية التي أظهرتها حركة حماس، والجهاد الإسلامي. “إنه درسًا كبيرًا تعلمناه من عملية الحافة الواقية.”

وقدّر روبين أن 40 في المئة من أكثر من 9 آلاف صاروخ بحوزة جماعات في غزة في بداية الحرب تم تصنيعها محليًا. وقال أنه إذا كانت هذه الجماعات الصغيرة، والفقيرة والتي تقع تحت الحصار قادرة على تطوير صناعة محلية بهذا الشكل، “فالله وحده يعلم ما الذي سيأتي من حزب الله.”

أنهى الجنرال جيورا روم في الأسبوع الماضي، وهو جنرال متقاعد في القوات الجوية الإسرائيلية، خدمته التي استمرت لست سنوات كمدير عام للهيئة العامة للطيران المدني في إسرائيل. قاد جهود الحكومة لاستعادة حركة المرور الجوي الدولي المغلقة لمدة 33 ساعة بصاروخ واحد أطلقته غزة سقط على بُعد 1.6 كيلو متر من المدرج الرئيسي للطيران في المطار الدولي الوحيد في إسرائيل.

وقال روم في مقابلة في 6 نوفمبر، أنه في الحرب المقبلة مع لبنان، يجب تحصين حماية القبة الحديدية، دون ترك أي منطقة خالية من الاعتراض للرحلات الجوية التجارية. وفي هذه الحالة، فإن الحركة الجوية لا بد من تحويلها إلى طريق طيران تابع للثوات الجوية الإسرائيلية بالقرب من مدينة إيلات في أقصى جنوب إسرائيل.

وقبل ذلك بيومين فقط، وفي رسالة مسجلة بمناسبة مهرجان عاشوراء للشيعة، حذر زعيم حزب الله حسن نصر الله أن الحرب الجديدة مع إسرائيل سوف تغلق المطارات في البلاد والموانئ البحرية.

“لا يوجد مكان … على أرض فلسطين المحتلة لا يمكن أن تصل إليه صواريخ المقاومة،” هذا ما نقلته صحيفة Lebanon Star في تقرير لها عن نصر الله.

وأقر يائير رماتي، مدير منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، وهي جزء من قسم البحث والتطوير MAFAT في وزارة الدفاع، بأن هناك مجموعة جديدة من التهديدات تزيد من حاجة إسرائيل المستمرة لتحديث دفاعاتها.

وقال رماتي أنه: “من الواضح أن هذا سباق تكنولوجي واقتصادي. ومن دون الدعم المستمر من الولايات المتحدة، لما استطعنا مواكبة هذا السباق.”

وأرجع الفضل إلى “أكثر من 25 عامًا من الدعم الثنائي الكبير والمستمر” للسماح لإسرائيل بتوفير احتياجاتها المتزايدة من صواريخ الاعتراض.

وأرجع رماتي الفضل على وجه التحديد للتعاون الوثيق بين الاميرال أوفير شوهام، رئيس قسم البحث والتطوير MAFAT، والمدراء المتعاقبين على وكالة الدفاع الصاروخي التابعة للبنتاجون.

ولاحظ مسؤولو البرنامج أن إسرائيل كان لديها ستة بطاريات تشغيلية فقط في بداية القتال. ولكن بفضل تمويل الدعم من الولايات المتحدة “المنقذة للحياة”، المُقدّم قبل بضعة أشهر من الحرب، تمكنت إسرائيل من استكمال العمل الحالي في الوقت المناسب لتقوم سريعًا بنشر ثلاث بطاريات أخرى خلال الحملة.

وفقًا للأرقام التي ذكرها روبن، استنادًا إلى تحليل واسع لما يقرب من 11 ألف هجمات صاروخية على إسرائيل في السنوات العشر الماضية، فإن “ما لا يقل عن 60 شخصًا مدينون بحياتهم للقبة الحديدية في عملية الحافة الواقية الماضية.” ووصل روبين إلى هذا الرقم من خلال مقارنة الوفيات الإسرائيلية قبل “عصر القبة الحديدية” وانتشارها في الحملتين الماضيتين في غزة.

وقال دراكر: “التمويل الأمريكي هو من أنقذ حياتنا.”

وبدون ما يقرب من مليار دولار في تمويل مشتريات من الولايات المتحدة لعدة سنوات، قال مسؤولون هنا أنه لم يكن بإمكانهم نشر تسع بطاريات في القبة الحديدية.

وبدون مبلغ إضافي قدره 175 مليون دولار طُلب لعام 2015، سيكون من الصعب لإسرائيل إعادة تكوين مخزونها من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية، الذي استُنفِدَ بشدة من الحرب التي استمرت 50 يومًا.

وقال المسؤولون هنا أن إسرائيل استخدمت قرضًا بقيمة 70 مليون دولار وحزمة تمويل بقيمة 680 مليون دولار في عام 2012 لتمويل الرادار والصواريخ الاعتراضية اللازمة للبطارية رقم 7. كما استخدمت اثنين من الرادارات الأخرى التي بُنيت في إطار برنامج الرافعة ديفيد المشترك لدعم إيفاد الطوارئ من البطاريات رقم 8 ورقم 9.

وقال مسؤولون أيضًا أنه تم دفع مبلغ آخر بقيمة 271 مليون دولار في المدفوعات التي وافقت عليها الولايات المتحدة — وهي أموال يتم التعهد بسدادها في تمويل السنة المالية القادمة — مما أسرع بتسليم عناصر أخرى حاسمة لازمة لتعزيز دفاعات الحافة الواقية.

وقال رماتي: “في الشرق الأوسط، التوقيت مهم للغاية. إذا انتظرنا شهرًا آخر أو اثنين، فإن الرادارات لم تكن جاهزة لدعم احتياجاتنا في عملية الحافة الواقية.”

وفي الوقت نفسه، فإن إسرائيل تتطور خطط ما قبل عملية الحافة الواقية لزيادة عدد البطاريات إلى أكثر من عشرة بطاريات تشغيلية في القبة الحديدية لأنها تفكر في تحديثات مستمرة للكتلة لمواجهة التهديدات المستقبلية.

وبجانب ذلك، تسابق إسرائيل من أجل إعادة ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية Tamir في القبة الحديدية من خلال تمويل الولايات المتحدة لها، وبناء المكونات الأساسية في الولايات المتحدة.

وهناك اتفاق بين الحكومتين في مارس لتقاسم العمل مع المقاولين من الولايات المتحدة في مقابل عطايا ومنح الولايات المتحدة.

وفي إطار خطة إنتاج وضعتها الولايات المتحدة، شوف تقدم شركة Raytheon، المتعاقدة من الباطن مع شركة Rafael، المكونات للتجميع النهائي في إسرائيل. وأعلنت شركة Raytheon عن أول عقد رئيسي لها مع شركة Rafael في 30 سبتمبر بقيمة 149 مليون دولار من أجل معدات الاعتراض.

وقال لورانس تايلور، رئيس أنظمة الصواريخ في شركة Raytheon أن: “لقد أثبتت القبة الحديدية نفسها مرارًا وتكرارًا من خلال حماية سكان إسرائيل من الصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون. التزود بمكونات الصواريخ الاعتراضية Tamir من الولايات المتحدة سوف يقطع شوطًا طويلاً لضمان توفير كميات كافية من صواريخ Tamir للدفاع عن إسرائيل.”

وفي نهاية المطاف، يتوقع رماتي أن 50 في المئة من مكونات الصواريخ الاعتراضية سيتم إنتاجها في الولايات المتحدة.

البريد الإلكتروني: bopallrome@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا