التغيير في قواعد التصدير في اليابان يمكن أن يوازن تهديد الصين

Prime Minister Shinzo Abe (AFP/Getty Images)

رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي”. (إيه إف بي/ جيتي إيميدجز)

طوكيو ― يرى المحللون أن قرار اليابان الأخير بشأن إنشاء نظام مراقبة على تصدير الأسلحة من شأنه تعزيز دور طوكيو المستقبلي في اتحادات الأسلحة العالمية ومن المحتمل أن يساعد في عملية التوازن ضد التهديد الذي تشكله الصين.

وفي قرار مجلس الوزراء في الأول من إبريل وافق “شينزو آبي” على القواعد التي لا تزال تمنع اليابان من تصدير الأسلحة إلى الدول التي تشارك في الصراعات والتي تنتهك قرارات الأمم المتحدة، وقام أيضًا بخلق آلية فرز وتمحيص من أجل السماح لصانعي الأسلحة من بيع هذه الأسلحة إذا كانت تساهم في التعاون الدولي والمصالح الأمنية، وتحالف الشركاء الذين يوافقون على عدم بيع هذه الأسلحة لطرف ثالث من دون موافقة اليابان.

وبموجب القواعد الجديدة، فإن وزارة الدفاع ووزارة الشؤون الخارجية، ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة سوف تقوم بفحص طلبات المبيعات، مع مجلس الأمن القومي من أجل اتخاذ القرار النهائي. وقد تم إنشاء هذا المجلس في ديسمبر من أجل تسريع عملية اتخاذ القرار بشأن سياسة الشؤون العسكرية.

وتعمل القواعد الجديدة على تقنين مخالفات التصدير التي تم الإعلان عنها في عام 2011 في عهد رئيس الوزراء السابق “يوشيهيكو نودا”، ولكن مع القيام بتغييرين في منتهى الأهمية، وذلك وفقًا لما ذكره “ساتوشي تسوزوكيباشي”، مدير لجنة الإنتاج الدفاعي (اتحاد الأعمال الياباني)، والذي يعتبر أقوى تنظيم صناعي وتجاري في اليابان.

وتفرض القواعد الإرشادية الجديدة “فحص دقيق” لجميع حالات التصدير مع أسلوب “مرن” يشتمل على وجود تحذير تسمح باتخاذ قرارات سريعة في حالة الطوارئ، على سبيل المثال حالة الطوارئ التي تشدها شبة الجزيرة الكورية.

ويقوم التغيير الثاني المهم في قواعد التصدير بتخفيف شروط التصدير لعام 2011 والتي تنص على أن أي عملية بيع محتملة لطرف ثالث لابد أن يتم الاتفاق عليها أولًا ضمن صفقة تطوير أولية أو إنتاج مشترك أو حتى صفقة ترخيص؛ والآن، يتم النظر إلى طلبات المبيعات إلى الطرف الثالث كل أساس كل حالة على حدة.

وقال ” تسوزوكيباشي” أن: “هذه خطوة مهمة تدفعنا إلى الأمام، لأنها تعني أنه يمكننا، على سبيل المثال، تصدير قطع غيار طائرات F-35، حيث لم نتمكن من فعل ذلك من قبل، وهذا الأمر الذي لم يفهمه “نودا”، وأن نعتمد على هذه القواعد في بناء قدرتنا على التصدير إلى مجموعة من الدول في صفقات مستقبلية. ويمكننا التفاوض الآن مع مزيد من الدول بنية حسنة. وهو ما يعني أن لدينا الآن نظام يفتح أبوابًا جديدة.”

وقال “فيل فينيجان”، المحلل في مجموعة شركات (Teal) أن القدرة على التعاون داخل برامج معينة سوف يكون أمرًا ضروريًا للغاية لأن الدول تعتمد على مشاركة التكاليف حيث تنخفض قيمة الانفاق الدفاعي في العديد من الدول.”

وأوضح ” فينيجان” أن “التعاون هو الطريق الذي تسلكه الصناعة. واليابان تتحرك في هذا الاتجاه أيضًا.”

ولكن ذكر “فينيجان” أن فرصة تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال مبيعات المعدات العسكرية من المحتمل أن تحدث بعد سنوات إذا ما أخذت اليابان هذا الاتجاه بسبب ارتفاع تكاليف التصنيع التي تواجه الشركات اليابانية.

وأضاف: “لا شيء يتغير بسرعة، ربما على المدى الطويل يمكنها أن تلعب دورًا في السوق الدولية. أنها صناعة منفصلة تمامًا، وبحكم طبيعتها فإنها ستكون مُكلفة للغاية.”

أصبحت الإجراءات التي قامت بها اليابان قضية إقليمية مثيرة للجدل، مع إشارة كل من كوريا الجنوبية والصين عن قلقهما نت أن التغيرات في القواعد توضح بأن اليابان على طريق إعادة التسليح، ومن ثم تدعوا كلا الدولتين إلى “الشفافية.”

وقال “جون أوكومورا”، الباحث الزائر في معهد “ميجي” للشؤون الدولية، أن القواعد الجديدة تمثل تغييرًا كبيرًا بالنسبة لليابان، ليس لأن اليابان تقوم بإعادة التسليح ولكن بسبب أن هذا القرار جعل اليابان قريبة من الولايات المتحدة ومن شركاء دوليين آخرين، وهو ما يثير القلق عند الصين.

“صحيح، أن “آبي” يبتعد كثيرًا عن النظام السلمي بعد الحرب، ولكن السؤال هو إلى أي مدى يريد “آبي” تغيير اليابان. ولكنه لن يقوم “بإعادة التسليح” بشكل شامل. فهو على دراية بتداعيات التحالف الياباني-الأمريكي، وأي شيء من شأنه تعزيز هذا التحالف يعتبر أمرًا سلبيًا بالنسبة للصين التي تزيد من سياستها القوية من أجل إبراز قوتها العسكرية.”

وقال “ناروشيجي ميشيشيتا”، مدير برنامج الأمن والدراسات الدولية في معهد الدراسات العليا الوطني للدراسات السياسية، أن النقاد يشيرون إلى مخاوف طبيعية وعميقة في نفس الوقت ولكنهم يتجنبون ذكرها أمام الرأي العام.

وقال أيضًا أن: “الصين وكوريا الجنوبية لديهم السبق في بيع أسلحتهم في الخارج، ولذلك فهم قلقون من أن تصبح اليابان منافسة لهم.”

وقال “ميشيشيتا” أن اليابان تريد أن تلعب دورًا أكثر فاعلية في أن الحفاظ على توازن القوة في آسيا، لذلك فإن التغييرات سوف تخلق موقفًا “تفوز فيه كل الأطراف” ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن للشراكات ذات الأهمية المتزايدة لليابان مع أستراليا وكوريا الجنوبية والهند. وهذا يمتد إلى الدول الصاعدة جنوب شرق آسيا، وخاصة الفلبين وفيتنام، وجميعهم قلقون على نحو متزايد بشأن الصين.

وأوضح “ميشيشيتا” أنه: “إذا كان من الممكن بيع الأسلحة إلى الولايات المتحدة [فقد تكون كوريا الجنوبية لا تريد أن تشتري منا] وأستراليا والهند والشركاء في جنوب شرق آسيا، وتشمل أهدافنا على الفلبين وفيتنام؛ وهذه تعتبر خطوة كبيرة تدفعنا إلى الأمام. ومن خلال توفير الأسلحة لهذه الدول يمكننا كسب الأموال، ويمكن أن نوازن قوتنا مع الصين، وتعزيز وترسيخ شراكاتنا وتمكين هذه الدول. إنه موقف تفوز فيه كل الأطراف.”

وتعتمد قاعدة صناعة الدفاع في اليابان على أقل من نسبة 1% من الناتج الصناعي للبلاد، والمنتجات الدفاعية التي تتكلف في كثير من الأحيان ضعف أسعار المعدات الأمريكية، وقد يكون هذا في وقت سابق قبل أن يتم وضع الألماسات الثلاثة الموجودة على سيارة “ميتسوبيشي” على مجموعة رادارات عالمية.

وأضاف ” ميشيشيتا”: “لم يتم اختبار الأسلحة اليابانية في أرض المعركة والمشكلات التي واجهت المدافع الرشاشة الثقيلة من شركة ” Sumitomo” تم إخفاؤها لسنوات عديدة، لذلك نحن لا نعرف ما إذا كان يمكن للمشترين المحتملين أن يثقوا في الأنظمة اليابانية.”

وعلى الرغم من ذلك، تمتلك اليابان مجموعة متنوعة من الأدوات على صعيد المكونات الخاصة وتكنولوجيا الأنظمة الصغيرة، على نطاق كبير من التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تجلب شراكات عديدة في المستقبل.

كما قال ” ميشيشيتا” أنه مؤخرًا، على سبيل المثال، انسحبت اليابان بهدوء من محاولات تركيا لشراء دبابات القتال الرئيسية خفيفة الوزن من طراز (TK-X) والتي قال أحد المحللين أن القدرات التي تحتوي عليها هذه الدبابات تحرص الدول الناشئة على الحصول عليها. وتشتمل التقنيات الأخرى على مدافع ” howitzer” ذاتية الدفع من طراز Type 99 عيار 155 مم، ودروع متخصصة، وأجهزة استشعار وتقنيات الرادارات. وتشمل هذه التقنيات على تقنيات محركات الطائرات والمحركات البحرية، بما في ذلك الغواصات اليابانية من طراز Soryu التي تعمل بالديزل والكهرباء والمزودة بنظام الدفع المستقل للهواء، والتي تسعى أستراليا تحديدًا للحصول عليها.

وقال “أوكومورا”، أن: “ميزانية الدفاع في اليابان ستزيد بنسبة 2% إضافية سنويًا على مدى الخمس سنوات القادمة، ولكن بالرغم من أن هذه الزيادة تعتبر صغيرة من حيث القيمة الحقيقة، إلا أنه سوف يتم رفع هذه الزيادة في حالة اشتراك اليابان في اتحادات التطوير المشترك للجيل القادم وما بعد القادم من الأسلحة.”

وأضاف “أوكومورا”، أن هناك إمكانات كبيرة في قدرات الاستخدام المزدوج التي تمتلكها اليابان، والتي تتراوح ما بين الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاستشعار إلى منتجات تكنولوجيا المعلومات وغيرها من المواد بالإضافة إلى الكربون والتقنيات المركّبة، بما في ذلك التميز في التقنيات التي تتكامل بشكل جزئي أو كليّ مثل التقنيات الموجودة في طائرة الركاب التجارية المتطورة “MRJ ” من شركة “ميتسوبيشي” للصناعات الثقيلة.

وقال ” ميشيشيتا”: “الخبر السار، بالإضافة إلى التقدم فيما يخص مبيعات الأسلحة، هو أن الحكومة اليابانية اتخذت قرارًا بدعم تكنولوجيا وعلوم الاستخدام المزدوج.”

وأضاف “ميشيشيتا” قائلًا: “بالتأكيد، وفي أحسن الأحوال، سوف تكون لدينا قدرة على شراء المزيد من الوحدات ومن ثم ستنخفض التكاليف وقد يكون لدينا القدرة على إحداث نوع من التأثير على الأمن الدولي بينما نقوم بتخفيف الصعوبات المالية التي تواجهنا. ولكن أيضًا من خلال الاشتراك في البحوث الدولية المشتركة والمشتريات، يمكننا أن نعزز من قدرتنا التنافسية ونقوم بصنع أنظمة أسلحة أفضل والحصول عليها بأسعار أقل.”

كما حذر “بول جيارا”، رئيس مؤسسة ” Global Strategies & Transformation” من أن هذا التغيير ليس بالضرورة أن يقيد اليابان لدعم وإشباع رغبات الولايات المتحدة، وأنه يمكن أن يساعد اليابان على الظهور كمنافس قوي لها.

وقال “جيارا”، أن: “هذا يعتبر التطور الأكثر أهمية. وأيًا ما كان تخطط له الحكومة سوف يكون نتاج لهذا التطور، ولكن التطورات لن تعمل في خط مستقيم. كما أن العديد يفكر أن هذا بطريقة أو بأخرى سوف يعطي الأولوية للمصالح الأمريكية، ولكني أختلف مع هذا الرأي. سوف يتوجب على تكنولوجيا الدفاع الأمريكية والمصالح الصناعية أن تتنافس مع البدائل العالمية الأخرى والتي ستختار اليابان من بينها. وسوف تكون هذه منافسة غير مُريحة للبعض.”

وقال ” تسوزوكيباشي” أن مثل هذه المخاوف سوف تستغرق المزيد من الوقت لكي تتحقق، على الرغم من أن هذا السيناريو كان من الممكن أن يحدث.

وأوضح ” تسوزوكيباشي” أنه: “يوجد تصور للطائرة المقاتلة Zero-sen، ولكن ذلك كان منذ فترة طويلة خلال الحرب العالمية الثانية. كما أن قاعدة الدفاع الياباني ليست بهذه القوة، فنحن لا نمتلك المساحة الكافية ولا التكنولوجيا من أجل التنافس مع شركات مثل شركة Lockheed Martin أو شركة BAE، لذلك فنحن لا نشكل خطرًا.”

ساهم في هذا إعداد هذا التقرير “زاكاري فراير-بيغز” 

Read in English

...قد ترغب أيضا