إسرائيل تعتمد على تمديد المساعدات العسكرية الأمريكية إلى 10 سنوات أخرى

US Defense Secretary Chuck Hagel, left, meets Israeli Defense Minister Moshe Ya'alon, who arrived at the Pentagon via V-22 Osprey during a June visit to Washington. A proposed new US aid agreement would make funds available to Israel to begin buying V-22s. (Ariel Hermoni / Israel Ministry of Defense)

على يسار الصورة، وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيجل، يلتقي نظيره الإسرائيلي موشيه يعلون الذي وصل إلى البنتاجون على متن طائرة V-22 Osprey في زيارة لواشنطن خلال شهر يونيو. تتباحث كلتا الدولتين حول اتفاق جديد للمساعدات الأمريكية يتيح لإسرائيل الموارد المالية الكافية لشراء طائرات V-22. (آرييل هيرموني / وزارة الدفاع الإسرائيلية)

تل أبيب – ما زالت الحكومة الإسرائيلية تُلزم “باراك أوباما” بوعده بتمديد برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل لعشر سنوات أخرى بالرغم من المخاوف الإسرائيلية بشأن أجندة الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط والشكوك المتأصلة حول قدرته على الحول دون اكتمال برنامج التسلح النووي الإيراني.

وفي حقيقة الأمر، فإن إسرائيل تعتمد على هذه المساعدات.

تمكن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، بعد عدة أشهر من المناقشات الداخلية والمعوقات البيروقراطية التي فرضتها الخزانة الإسرائيلية، من الحصول على موافقة الحكومة لقبول قرض تجاري لا تزيد قيمته عن 2 مليار دولار أمريكي لإتمام صفقة على المدى القريب من أجل شراء طائرات V-22 ذات المراوح القابلة لتغيير الاتجاه (tilt-rotors) وعدد من الأسلحة الأخرى المعتمدة من قِبل البنتاجون.

وقد وافقت الولايات المتحدة على خطة دفع مؤجل تلتزم إسرائيل بموجبها بدفع قيمة الفوائد وتكاليف القرض فقط خلال فترة سريان الاتفاقية الحالية والتي سوف تنتهي في سبتمبر 2018. وسوف تتسلم إسرائيل قيمة القرض من خلال حزمة الدعم التي تعهد “أوباما” بتقديمها والتي تضمن منح التمويل العسكري الأجنبي لإسرائيل سنويًا حتى عام 2028، وذلك فقًا لمصادر إسرائيلية وأمريكية.

وقد أكد “أوباما” خلال زيارته لتل أبيب، في مارس الماضي، على التزام بلاده بالمباحثات الهادفة لتمديد برنامج المساعدات العسكرية لإسرائيل بعد انتهاء الاتفاق الجاري حاليًا، والذي تم توقعيه في عام 2007 في ظل إدارة الرئيس السابق “جورج دبليو بوش” ليستمر لنحو 10 أعوام بقيمة 30 مليار دولار.

وقال “أوباما” في مؤتمر صحفي مشترك في القدس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أن تمديد اتفاقية المساعدة هو “جزء لا يتجزأ من الالتزام الأمريكي طويل الأجل بأمن إسرائيل”.

وقد ارتفع الدعم السنوي المقدم لإسرائيل وفقًا للاتفاقية الجارية حاليًا ضمن برنامج التمويل العسكري الأجنبي من 2.4 إلى 3.1 مليار دولار، من دون قيمة فسخ الاتفاق والتي تُقدر بنحو 155 مليون دولار بسبب قرار المصادرة الذي أقرته الحكومة الأمريكية.

لكن مصادر أمريكية وإسرائيلية أكدت من جانبها أن المباحثات الثنائية حول تمديد الدعم ما زالت في المرحلة الأولية، وأنه من غير المحتمل أن تثمر هذه المباحثات عن اتفاق نهائي قبل رحيل “أوباما” عن البيت الأبيض في يناير 2017.

ومع ذلك فقد قال “داني أيالون”، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، أنه بوسع إسرائيل أن تطمئن بشأن استمرار التمويل الأمريكي، نظرًا للدعم القوي الذي يقدمه “أوباما” والكونجرس الأمريكي على حد سواء لإسرائيل باعتبارها “الشريك الاستراتيجي الرئيسي” في المنطقة.

وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية للولايات المتحدة والعوامل الأخرى التي سوف تحدد في نهاية المطاف القدر الفعلي للمساعدات؛ إلا أن “أيالون” أكد أن التوقعات تشير ببقاء حجم الدعم في الاتفاقية المقبلة عند المستويات الحالية أو حتى يتخطاها مع إقرار امتيازات إضافية في الأعوام التالية لانتهاء الاتفاق.

وقد أشار عدد من المسؤولين والخبراء في تل أبيب أن إسرائيل لم تكن تهدف في البداية للحصول على القروض مؤجلة الدفع، لكنها كانت تأمل في التوصل إلى تسوية مشتركة بعد أن رفضت واشنطن طلبات إسرائيلية سابقة للحصول على قروض قصيرة الأجل بضمانات الحكومية الأمريكية، وذلك قبل طرح خيار تمديد اتفاقية المساعدات.

وأوضحت مصادر أمريكية أن القوانين تمنع منح قروض بضمانات حكومية في حال استنادها على اتفاقيات مستقبلية لم يتم إقرارها فعليًا للتمويل العسكري الأجنبي. وقال مصدر مسؤول من واشنطن أن خطة الدفع المؤجل التي تم إقرارها مؤخرًا لصالح إسرائيل تعتبر أقرب ما يمكن للحكومة الأمريكية تقديمه لتلبية الطلب الإسرائيلي في إطار ما يسمح به القانون.

وأضاف المصدر:” يؤكد المحامون هنا أن هذا الاتفاق لا يعتبر قرضًا بضمان حكومي. وعلى المتعاقد تقديم الدفعات المالية من قِبل الحكومة الأمريكية عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية (الذي يديره البنتاجون). ونحن نبذل قصارى جهدنا لتسهيل إجراءات الدفع المؤجل.”

وأكد المصدر أن إتمام هذا الاتفاق يتطلب “قدرًا كبيرًا من الثقة” من قبل جميع الأطراف، وليس فقط من الجانب الإسرائيلي، بأنه من الممكن بالفعل التوصل لاتفاقية ثنائية مستقبلية للمساعدات العسكرية لمدة 10 أعوام.

لكن محاولات حث إسرائيل على التحلي بالثقة قد أثارت مناقشات داخلية كبيرة في إسرائيل بين المسؤولين في وزارة المالية والسُلطات الرقابية وبعض من السياسيين المشككين. فقد أعرب الكثيرون في تل أبيب عن قلقهم بشأن المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها خطوة كهذه تتحمل خلالها إسرائيل ديونًا مؤجلةً يتم سدادها فيما بعد عبر اتفاق مستقبلي محتمل لم تتحدد معالمه حتى الوقت الحالي بوضوح، وذلك وفقًا لما صرّح به مصدر مسؤول هنا.

لكن وزير الدفاع الإسرائيلي قد نجح بالفعل في الحصول على موافقة الحكومة على الخطة، بعد أن وافقت واشنطن من جانبها على تقديم خطاب نوايا لدعم عمليات الشراء مؤجلة الدفع والتمويل العسكري الأجنبي المحتمل إقراره مستقبلًا.

ثقة تامة

يعتبر رئيس هيئة الأركان العامة لقوات الدفاع الإسرائيلية السابق “يعلون” أحد أبرز أعضاء الحكومة الائتلافية لنتنياهو وأكثرهم صراحة ووضوحا وعملية في آرائه. فقد صدرت عنه العديد من الانتقادات المتكررة بشأن المساعي التي تقودها الولايات المتحدة لتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني وفيما يتعلق بالانحسار الواضح للنفوذ الأمريكي في الشؤون الدولة والإقليمية في المنطقة، مما أسفر عن بعض الخلافات بين تل أبيب وواشنطن.

فقد اشتهر يعلون بانتقاداته اللاذعة لوزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” في “سعيه المستمر وغير المفهوم” للتوصل لاتفاق “لا يستحق حتى ثمن الورقة التي كتب عليها”.

وقد أُجبر يعلون، في وقت سابق من الشهر الحالي، على الاعتذار عن تعليقات كان قد أدلى بها في محاضرة مغلقة في تل أبيب قال فيها أنه لا يمكن لإسرائيل أن تعتمد بشكل كلي على تعهدات أوباما ببذل كل ما بوسعه للحيلولة دون اكتمال برنامج التسلح النووي الإيراني.

وقد حاول توضيح مقصده من تلك التصريحات في مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل في 20 مارس، أعرب خلالها هاجل عن “قلقه البالغ من تصريحات الوزير الإسرائيلي حول السياسة الأمريكية تجاه إيران”، كما ذكر الأميرال “جون كيربي”، السكرتير الصحفي للبنتاجون.

وقد رفض مكتب يعلون التعليق على تداعيات تصريحاته الأخيرة أو مناقشة أية تفاصيل بخصوص خطة الدفع المؤجل.

لكن أحد كبار معاونيه قد شدد على ثقة الوزير الإسرائيلي في البيت الأبيض وفي التزام الكونجرس الأمريكي بدعم التمويل المستمر لدولة إسرائيل.

وقال “يعلون” في تصريحات له في 26 مارس أن “العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتسم بأنها علاقة عميقة وقوية، تقوم على منظومة متماسكة من المصالح والقيم المشتركة. … ويعتبر التعاون الثنائي بين البلدين على جميع الأصعدة بمثابة حجر الزاوية للأمن الوطني الإسرائيلي”

وأكد يعلون أنه “لا يمكن التشكيك” مُطلقًا في التزام واشنطن نحو أمن إسرائيل. وأضاف أنه يتوقع بكل ثقة استمرار “التعاون الناجح بين الشركات المُصنِعة للأسلحة والمؤسسات العسكرية في البلدين”.

ترجمة العروض إلى طلبات فعلية

قال عدد من الخبراء والمسؤولين أن صيغة اتفاق الدفع المؤجل سوف تفتح الباب أمام إسرائيل للحصول على قيمة التمويل العسكري الأجنبي لبدء شراء طائرات من طراز V-22، وتعتبر تلك مجرد بداية في حزمة دعم مستقبلية كان “هيجل” قد طرحها خلال زيارته تل أبيب في إبريل الماضي.

فقد أعلن هاجل حينها أن واشنطن “سوف توفر لإسرائيل مجموعة من القدرات العسكرية المتقدمة” لزيادة التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

لكن تصريحات “هيجل” في 2013 لاقت انتقادات واسعة في تل أبيب اعتقادًا بأنها غير جوهرية وسابقة لأوانها، نظرًا لأن النسبة الأكبر من قيمة التمويل العسكري المقرر حتى عام 2018 قد خُصصت لشراء طائرات F-35 المقاتلة وطائرات النقل الجوي وناقلات الجنود الثقيلة وبعض المعدات العسكرية الأخرى.

ومنذ ذلك الحين، بدأت موجة من التنسيق المكثف بين الطرفين عبر الشركات الدفاعية ومنافذ الخدمات العسكرية والعديد من الأقسام الأخرى في كل من البنتاجون ووزارتي الخارجية والدفاع.

وقد أكدت مصادر من كلا البلدين أن إسرائيل قد تصبح أول عميل لخطط تصدير طائرات V-22 إذا ما تم الانتهاء من خطة الدفع المؤجل خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك ترقبًا لتوقيع عقد ضمن برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية بحلول شهر سبتمبر.

وفي ظل مباحثات الطرفين بشأن الأسعار وطريقة التسليم والأسلحة المحددة التي سوف تتضمنها الحزمة، فإن عملية الشراء سيترتب عليها حصول شركة Bell-Boeing وعدد آخر من الشركات الأمريكية المتعاقدة على ما يفوق المليار دولار.

وقالت إحدى المصادر الأمريكية في مجال الدفاع هنا في تل أبيب أن تلك الصفقة قد تساعد على عقد صفقات مماثلة مع دول أخرى مثل اليابان وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة.

من ناحية أخرى، كانت وكالة التعاون الأمني الدفاعي قد أبلغت الكونجرس الأمريكي من خلال تقديم إخطار في 4 يناير بالقيمة المتوقعة لحزمة الدعم والتي بلغت 1.13 مليار دولار أمريكي وفقًا لتقديراتها، تشتمل على 6 طائرات V-22 ذات المراوح القابلة لتغيير الاتجاه والمعدات المرتبطة بها وقطع الغيار بالإضافة إلى الدعم اللوجستي والتدريبات.

وقد يترتب على خطة الدفع المؤجل، وفقًا للبرنامج المحدد لها، إقرار المزيد من التمويل لمحتويات أخرى ضمن حزمة الدعم التي عرضها “هيجل”. وتتضمن تلك الحزمة تحديث طائرات F-151 المقاتلة بالرادارات ذات المصفوفة الإلكترونية النشطة ومجموعة متنوعة من الأسلحة جو/أرض: منها القنابل صغيرة القطر وصواريخ AGM-88E الموجهة المضادة للإشعاع.

مصالح مشتركة

بالرغم من الاختلاف الجوهري بين اتفاق الدفع المؤجل الحالي وحزمة الدعم المستقبلية التالية له والتي لم يتم إقرارها بعد، فقد أكدت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن البلدين قد اعتمدا خططًا مماثلة في الماضي لخدمة المصالح المشتركة بينهما. ومع المشاركة الفعالة لشركة Lockheed Martin في المساعي الحالية فقد اعتمدت إسرائيل على هذا الاتفاق بشكل أساسي لتمويل عمليات المبيعات العسكرية الأجنبية التي يديرها البنتاجون من أجل شراء طائرات F-161 وF-351 التي تنتجها الشركة.

ومن المتوقع مع إقرار الخطة المرتقبة أن يحصل المتعهدون الأمريكان في مجال الدفاع على تسهيلات كبيرة لطلبات التصدير مرتفعة القيمة مع ضمان الاستجابة العاجلة لجميع المتطلبات الإسرائيلية؛ وذلك جنبًا إلى جنب مع إقرار واحدة من العمليات الخاصة بالبنتاجون الأمريكي تدعي “تمويل التدفقات المالية” والتي سوف تسمح لإسرائيل بالاستفادة من خطط التمويل العسكري الأجنبي المستقبلية.

وكانت شركة Lockheed Martin قد ساعدت وزارة الدفاع سابقًا خلال الاتفاقات المماثلة في الحصول على مليار دولار في شكل قروض تجارية مؤجلة الدفع بشروط مخفضة لاستكمال التمويل المخصص لشراء طائرات F-16 عبر قناة التمويل العسكري الأجنبي الإسرائيلية التي يشرف عليها البنتاجون الأمريكي. وقد تم تمديد فترة السداد لبضع سنوات بموافقة واشنطن والشركة من أجل توفير قيمة أول عقد تصدير لطائرات F-35 التي تنتجها الشركة عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية.

ومن المقرر أن يتم سداد القيمة الأساسية للقرض الممدد بالكامل بنهاية العام الحالي، كما أشارت مصادر أمريكية وإسرائيلية.

ومن المتوقع كذلك أن تلعب شركة Lockheed Martin دورًا محوريًا في خطة الدفع المؤجل الجديدة، والتي تؤكد الحكومة الإسرائيلية والخبراء في مجال الصناعات العسكرية أنها ستسهل شراء السرب الإسرائيلي الثاني من طائرات ـF-35. وبالرغم من ذلك، لم ترد أية تفاصيل حول طبيعة مشاركة الشركة في تلك المساعي منذ 28 مارس.

وقد رفضت “لاريسا تشواكا”، مديرة العلاقات الإعلامية بمقر الشركة في مدينة بيثيسدا بولاية ميريلاند الأمريكية، التعليق على الأمر. ■

البريد الإلكتروني: bopallrome@defensenews.com

 

Read in English

...قد ترغب أيضا