بدء برنامج تدريب المجندين الليبيين وتوقعات بتنشيط صفقات المشتريات العسكرية

New Soldiers: A group of former rebels who have joined the ranks of the Libyan Army board a plane Jan. 9  heading to Italy to receive training under a plan to rebuild the Army. (Agence France-Presse)

مجندون جدد: مجموعة من الثوار السابقين ينضمون حديثًا لصفوف الجيش الليبي وينطلقون في رحلة جوية لإيطاليا في التاسع من يناير لتلقي تدريبات ضمن خطة مشتركة لإعادة بناء الجيش الليبي (وكالة فرانس برس)

روما_ وصل ما يزيد عن 300 من المتطوعين الجدد في الجيش الليبي إلى إيطاليا لتلقي التدريبات العسكرية الأولية كجزء من برنامج مشترك بين البلدين يهدف لإمداد الحكومة الليبية بقوة عسكرية فعالة تعينها على إدارة الصراعات المحلية في ظل توقعات بأن يساهم هذا المشروع في تنشيط برنامج المشتريات الدفاعية المتوقف بسبب الأوضاع السياسية في طرابلس.

وقد بدأ المجندون البالغ عددهم 340، عقب وصولهم إلى إيطاليا في 10 يناير، رحلة تدريب تمتد لـ 14 أسبوعًا في قاعدة الجيش الإيطالي بمدينة “كاسينو”، جنوب العاصمة روما؛ وسيقومون بعدها باستكمال فترة تدريب إضافية مدتها 10 أسابيع في قاعدة عسكرية أخرى بمدينة “بيرزانو” جنوب البلاد.

ومن المتوقع أن تلحق بهم مجموعة جديدة تضم 450 مجندًا في سلسلة من دفعات التدريب المتتالية بهدف تخريج حوالي 2000 من الجنود الليبيين المدربين خلال عامين وفقًا لتصريحات مدير المشروع، قائد الجيش الإيطالي الجنرال “سيزار مارينيللي”.

حيث قال مارينيللي في تصريح له بأن: “هناك حاجة مُلحة لإتمام البرنامج، لذلك فقد طلبت منا الحكومة الليبية الإسراع في البدء بالتدريبات في أقرب وقت”.

هذا ومن المقرر أن تقوم عدة دول بتدريب مثل هذه المجموعات في مناطق مختلفة من بينها: المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، كجزء من البرنامج الذي تموله ليبيا. وقد أفاد مارينيللي أن بلاده سوف تتلقى 50 مليون يورو (67.8 مليون دولار أمريكي) مقابل مساهمتها، كما جاء على لسان مارينيللي.

وقد بدأ البرنامج بناءً على رغبة الحكومة الليبية في فرض حالة من الاستقرار عبر البلاد وذلك بعد الإطاحة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي عام 2011 إثر حركة قامت بها بعض الجماعات المتمردة بدعم من حلف الناتو.

وقد أكد مارينيللي أن الحكومة الليبية هي المسؤولة عن اختيار المجندين لمعسكر التدريب الإيطالي، بما في ذلك الضباط.

وأضاف: “تنوي السلطات الليبية الجمع بين العديد من الأفراد من مختلف المناطق المحلية كما يظهر في اختيارها لأعضاء مجموعات التدريب.”

وسوف تنضم تلك المجموعات للجيش الليبي في شكل كتائب، فيما تضم كل مجموعة أفرادًا ذوي خبرات عسكرية وآخرين من حديثي العهد بالمجال العسكري. وسوف يتلقى أفراد المجموعات تدريبًا على القيادة بجانب التدريبات القتالية.

ويؤكد مارينيللي، من خلال خبرته السابقة كمدرب عسكري في أفغانستان، أن فهم ثقافة المتدربين يُعد من أهم جوانب التدريب. لذلك فقد تم تجهيز الإعدادات اللازمة لوضوء وصلاة المجندين المسلمين في قاعدة “كاسينو” العسكرية وسوف يتم وضع الترتيبات اللازمة لصلاة يوم الجمعة الخاصة بهم.

وأوضح مارينيللي أن من أهم الاختلافات في التعامل مع المجندين بين الأفغان والليبيين هو وعي الليبيين بمفهوم “الدولة”.

وقال: “في أفغانستان، كنا في حاجة إلى “تعليم” الجنود ماذا تعني كلمة “دولة” أما الليبيين فيمتلكون بالفعل وعيًا جليًا بالمفهوم؛ وهكذا تبدأ التدريبات اليومية برفع العلمين الليبي والإيطالي”.

وسوف تركز التدريبات على مهام مثل العمليات العسكرية في المدن والدوريات، مع وجود مدرب واحد لكل 3 متدربين.

ومن المقرر أن يعتمد التدريب على بندقيات بِريتا ARX 160 التي يستخدمها الجيش الإيطالي منذ عام 2010. وذكر مارينيللي بأن “الجيش الليبي يستخدم بندقية كلاشنكوف AK-47 لكنهم يرغبون في تغييرٍ سريع”.

وفي هذا الصدد، صرح مصدر دفاعي إيطالي أن بِريتا ARX 160 قد تكون مرشحًا محتملًا للشراء من قبل الحكومة الليبية.

كما أكد مصدر رسمي أمريكي في ليبيا أن البرنامج قد يساهم بشكل كبير في تنشيط المشتريات الدفاعية الليبية.

حيث أكد المدير التنفيذي للغرفة التجارية الأمريكية في ليبيا، “ريتشارد جريفيتس”، أنه: “يجب استمرار متابعة المتدربين فور عودتهم إلى البلاد مع توفير نفس المعدات والأسلحة المستخدمة في التدريب، وإلا فسينتهي بهم الأمر كمجموعة من حراس الأمن.”

وأضاف: “تمتلك الحكومة الليبية الأموال اللازمة، لكنها تحتاج إلى مجموعة أساسية من التجهيزات للحماية من الميليشيات المتنقلة، بما فيها إنشاء قواعد عسكرية حول البلاد والحصول على مجموعة من الطائرات بالإضافة إلى تحسين نظم الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وشراء ما يلزم من مركبات عسكرية وأسلحة”.

وأكد “جريفيتس” أن “برنامج التدريب الجاري، والذي من المرتقب أن يمد ليبيا بنحو 5000 من الجنود المدربين عبر مجموعة الدول المساهمة، يعتبر أحد العوامل المؤثرة على برنامج المشتريات العسكرية في طرابلس. لذلك فمن المتوقع أن تبدأ عمليات شراء واسعة عقب إتمامه. إذ أن اعتياد الجنود الليبيين على المعدات العسكرية المستخدمة في التدريبات قد يحفز الحكومة الليبية لإجراء بعض الصفقات لتجديد ترسانتها العسكرية”.

وقد قال أحد المحللين العسكريين أن مثل هذه الخطوة المحتملة سوف تمثل تغيرًا محوريًا في توجهات الحكومة الليبية بعد فترة طويلة من توقف نشاط شراء الأسلحة في فترة ما بعد الحرب.

من جانبه قال “بيتر ويزمان” أحد أبرز الباحثين في برامج تجارة الأسلحة بمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام: “لم يشهد العامان الماضيان أية خطط شرائية تُذكر على الساحة الليبية، فالحكومة ما زالت عاجزة عن البدء من جديد”.

وعن هذا الشأن، قال جريفيث أن أكبر الصفقات التي تمت في تلك الفترة كانت عملية شراء طائرتي شحن من طراز C-130J إنتاج شركة Lockheed Martin الأمريكية بتكلفة بلغت 400 مليون دولار بعد موافقة الكونجرس الأمريكي على الصفقة التي تضمنت التدريب والدعم الفني.

وأضاف: “تتوافر العديد من الفرص أمام ليبيا لإصلاح طائراتMiG  وطائرات هليكوبتر MI (الروسية) كما أنها تمتلك عدداً كبيراً من طائرات Ilyushin الروسية وAntonov الأوكرانية؛ بالإضافة إلى عمليات إصلاح طائرات الهليكوبتر الجارية التي تتولاها شركة AAL وعملية تم فيها شراء عدد محدود من القوارب العسكرية المطاطة من هولندا. وبالرغم من وجود مشاريع قائمة لشركات مثل Northrop Grumman وLockheed Martin وTextron، ما زالت ليبيا أبعد ما يكون عن عمليات الشراء المتوقعة في السوق”.

وقد أشار “ويزمان” إلى وجود تضارب في المعلومات الصادرة عن ليبيا حول هذا الأمر. فقد تبادرت أنباء حول صفقات لشراء عربات عسكرية: “وردتنا تقارير الصيف الماضي حول قيام صفقة شراء مركبات عسكرية من جمهورية التشيك، لكن لم يتم تأكيدها”.

وفي هذه الأثناء، تبرعت إيطاليا بمجموعة من المركبات القتالية من نوع Puma وقدمت الولايات المتحدة مجموعة من مركبات الـ Humvee المستعملة، وذلك ترقبًا لمشاريع شراء مستقبلية من قبل الحكومة الليبية.

لكن جريفيث يرى أن الليبيين: “ما زالوا في حيرة بشأن تحديد ولاءاتهم وتوجهاتهم التحالفية نحو الدول المعنية على الساحة. فانبهارهم بتعدد الخيارات في المعارض التجارية أمثلة IDEX يشبه إلى حد كبير حيرة وذهول طفل صغير في متجر للألعاب. لقد توقعت العديد من الشركات أن تتبنى ليبيا موقفًا مشابهًا لدول مثل الإمارات العربية المتحدة أو الجزائر واعتقدوا أنه سيكون باستطاعتهم بدء محادثات فعلية مع الحكومة الليبية حول صفقات جادة، لكنهم ما زالوا يواجهون عقبات جمة”.

ويؤكد أيضًا أن تأخر السلطات الليبية في إتمام الصفقات العسكرية قد يدفع الشركات الصغيرة التي تستثمر في البلاد إلى سحب مشاريعها. وذكر أن أكبر المشروعات المنتظرة في المستقبل القريب يتضمن أعمالاً تتعلق بمراقبة الحدود، مما يعني إمكانية إنطلاق عمليات شراء لأجهزة رادار وأنظمة تصوير ومركبات أرضية وبدء تجهيز قواعد للعمليات المتقدمة.

والجدير بالذكر، أن شركة Finmeccanica الإيطالية قد انتهت في نوفمبر من توقيع صفقة مع وزارة الدفاع الليبية سيتم بمقتضاها إعادة تفعيل العمل في مجال مراقبة الحدود وقد تم بالفعل التصديق عليها من قبل حكومة القذافي قبيل اندلاع الحرب في 2011.

 البريد الإلكتروني: tkington@defensenews.com.

Read in English

...قد ترغب أيضا