بدء تنفيذ الاتفاقية المؤقتة بشأن البرنامج النووي الايراني

An International Atomic Energy Agency inspector disconnects components in a uranium production facility Jan. 20 at a nuclear power plant in Natanz, Iran. (AFP)

أحد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقوم بفصل المكونات في منشأة لتخصيب اليورانيوم في 20 يناير في محطة “ناتانز” للطاقة النووية في إيران. (وكالة فرانس برس)

واشنطن—   أعلن البيت الأبيض يوم الإثنين أن إيران قد أوفت بالتزاماتها الأولية بموجب الاتفاقية النووية المؤقتة لمدة 6 أشهر التي تم التوصل إليها العام الماضي، وأن الولايات المتحدة ستبدأ على الفور تنفيذ التزامها في تخفيف بعض العقوبات المفروضة علي إيران ورفع تجميد الأصول والممتلكات الإيرانية في الخارج.

أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) المسئولين في أمريكا أن إيران بدأت تعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وأنها قامت بتعطيل بعض المعدات التي تسمح بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 20%، وأنها بدأت تخفيف تركيز مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وهذه الخطوات، من بين أمور أخري، تجعل إيران تمتثل لخطة العمل المشتركة (JPOA) التي تم التوصل إليها في نوفمبر بين الولايات المتحدة، وإيران، وبريطانيا، وأمانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين.

 كما ذكرت الوكالة أن هناك زيادة في الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية، مع وجود نية لمضاعفة موظفيها في البلاد للتعامل مع مسئوليات الرصد والتفتيش المختصة بها.

وصرح مسئول كبير في الإدارة الأمريكية في حوار مع الصحفيين يوم الاثنين قائلًا: “يمكنكم وضع كل هذا معًا، إيران تمتثل لمعايير المساعدة النووية التي وضعتها خطة العمل المشتركة (JPOA) وزيادة إمكانية وصول وكالة الطاقة الذرية إلى المنشآت النووية، كل هذا يزيد ثقتنا بأن إيران لن تقوم بصنع سلاح نووي دون أن يعرف العالم بأسره مسبقًا، وهذا في الواقع هو خلاصة الأمر والقصد من وراء خطة العمل المشتركة.”

وأضاف: “وهذا يعطينا فترة ستة أشهر يمكننا فيها العمل على حل شامل للتحدي النووي الإيراني مع الثقة في أن إيران لن تتقدم في برنامجها النووي، ولا نريد التفاوض بشأن هذا الاتفاق الشامل مع العد التنازلي للفترة في ظل أن الاتفاق يحرز تقدمًا ملحوظًا.”

وبدورها، أوقفت الولايات المتحدة على الفور العقوبات المفروضة على المعادن النفيسة وقطع غيار السيارات وبدأت السماح بتصدير البتروكيماويات. كما سيتم الإفراج تدريجيًا عن أكثر من 4 مليار دولار والتي تعهدت الولايات المتحدة برفع التجميد عنهم على دفعات خلال الأشهر الستة المقبلة. ووصف المسئولون في الإدارة الأمريكية هذه الخطوة بأنها “تخفيف عبء مالي بسيط.”

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس “أوباما” قد فوض سُلطاته إلى وزيرة الخارجية “جون كيري” للتنازل مؤقتًا عن العقوبات المفروضة علي إيران، وهو القرار الذي يبقي يد الرئيس نظيفة خلال تنفيذ الاتفاقية المؤقتة ويعطي “كيري” سُلطة كبيرة من أجل التفاوض مع إيران.

 كما ذكرت العديد من وسائل الإعلام أن رجال الأعمال في أوربا كانوا في طريقهم إلي إيران متوقعين موجة كبيرة من الفرص، الأمر الذي أثار انتقادات من أعضاء الكونغرس.

وفي بيان صحفي صرح “إيد رويس” مندوب الكونجرس، من كاليفورنيا، بأنه ” في حين أن الأثر الاقتصادي الإيجابي على إيران سوف يتخطى هذه المساعدة المالية، حيث إن المستثمرين الأجانب يسارعون بالذهاب إلي إيران، فإن فرصة فرض نفوذنا علي إيران تتقلص. وفي الوقت نفسه، فإن البرنامج النووي الإيراني لا يزال مستمر.”

هذا وقد حذر المسؤولون في أمريكا أن معظم العقوبات سارية المفعول، وأن لديهم نية لتنفيذها بعناية.

وأضاف المسؤول الكبير بالإدارة الأمريكية: “وهذا لا يعني بأي حال أن إيران مفتوحة للأعمال التجارية، على العكس تمامًا، فالأغلبية الساحقة من العقوبات والبنية الأساسية لقطاعي النفط والبنوك والعقوبات المالية ستظل نافذة المفعول. وتبقي الإدارة مُلتزمة بتنفيذ هذه العقوبات بكل قوة.”

كما وصف مسئول آخر في الإدارة الأمريكية في نفس الحوار الصحفي هذه العقوبات والمساعدة المالية بأنها أشياء بسيطة، مشيرًا إلى أكثر من 30 مليار دولار بسبب العقوبات المستمرة على صادرات النفط والتي من المتوقع أن تتكفل بها إيران مقارنة بأكثر من 4 مليارات دولار من الأصول غير المُجمدة بالإضافة إلى 2 ميار دولار متوقعة من الفرص التجارية التي تسمح بها خطة العمل المشتركة.

وقال المسئول: “وهذا شيء بسيط جدًا مقارنة بالضغط القوي التي لا تزال إيران تواجهه. فهذه المساعدة المالية البسيطة لن تُصلح الاقتصاد الإيراني، ولن تقترب حتى من مجرد إصلاحه. تحتاج إيران ما بين 60 مليار دولار إلى 70 مليار دولار سنويًا لتمويل الواردات الأجنبية، وكما تري فإن 6 مليار دولار أو حتى 7 مليار دولار لن تكون كافية لسد تلك الفجوة. ويصل التضخم في إيران إلى ما يقرب من 40%، وهو واحد من أعلى معدلات التضخم في العالم، واقتصادها، والذي تقلص بنسبة 6% في العام الفارسي الماضي، من المتوقع أن يتقلص مرة أخرى هذا العام.”

وذكر منتقدو إجراءات التخفيف في الكونجرس أن مثل هذه التحركات تقلل الضغط علي إيران من أجل التوصل إلى اتفاق في المستقبل، وأن مجلس الشيوخ كان يُلمح لأسابيع بفرض عقوبات إضافية ستصبح نافذة المفعول بعد انتهاء الاتفاقية المؤقتة من أجل زيادة الضغط علي إيران.

وقامت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بما في ذلك عضو الحزب الديموقراطي عن ولاية نيو جيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، السيناتور “روبرت مينديز”، بإصدار بيان في نوفمبر موضحين عزمهم على المضي قُدمًا في التشريع.

وجاء في نص البيان: “تمثل قدرة إيران على امتلاك أسلحة نووية تهديدًا خطيرًا على الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها ونحن ملتزمون بمنع إيران من امتلاك هذه القدرة. وسوف نعمل معًا خلال الأسابيع المُقبلة على التوفيق بين مقترحات الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري وتمرير تشريعات الحزبين بشأن فرض عقوبات علي إيران في أسرع وقت ممكن.”

وتُصر إدارة أوباما على أن فرض عقوبات جديدة من شأنه أن ينتهك بنود الاتفاقية المؤقتة مع إيران، ويدفعهم بعيدًا عن طاولة المفاوضات في حين يحاول البلدين التوصل إلى اتفاق نهائي.

وقال “كيري” في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي في شهر ديسمبر: “نحن نطلب منكم إعطاء مفوضينا وخبرائنا الوقت والمساحة للقيام بأعمالهم، وهذا يشمل أن نطلب منكم، أثناء التفاوض، تأجيل فرض عقوبات جديدة. دعوني أكون واضحًا معكم، هذه فترة دبلوماسية حساسة للغاية، ونحن لدينا فرصة للتصدي سِلمِيًّا لواحدة من أكثر مخاوف الأمن القومي إلحاحًا التي تواجه العالم اليوم، ومع آثار قوية للصراع المُحتمل.”

وفي اجتماع الأسبوع الماضي، حاول الرئيس أوباما إقناع الديمقراطيين بعدم المضي قدمًا في فرض عقوبات، على الرغم أنه غير واضح ما إذا كان قد نجح بالفعل في حشد أصوات كافية لمنع التشريع.

 يدور جزء من الخلاف الجاري حول ما إذا كان يجب السماح لإيران بالاحتفاظ بقدرة تخصيب اليورانيوم بأي حال من الأحوال، وهو الشيء الذي لا تزال إدارة أوباما تًصر على أنه يجب أن يكون على طاولة المفاوضات.

وقال أحد كبار المسئولين: “نحن نود، كاتفاق مثالي، بالنسبة لإيران بأن لا يكون لديها أي قدرة على تخصيب اليورانيوم ولا حتى أن يكون لديها مخزون اليورانيوم المُخصب. والقضية التي يجب أن نستكشفها خلال سلسلة من المفاوضات هي أنه في حين وجود قدرة على تخصيب اليورانيوم ومخزون منه سيكون هذا متسقًا مع الضمانات التي نحتاجها في إثبات أن إيران ليست في وضعية جيدة تسمح لها بتطوير سلاح نووي من دون إعطاء مُهلة زمنية طويلة وإشعار مُسبق للمجتمع الدولي. وهذا شيء يجب علينا أن نكتشفه. وإذا نظرتم إلى خطة العمل المشتركة ستجدون أنها تتوخي الحذر من إمكانية وجود بعض برامج لتخصيب اليورانيوم.

لطالما كان هناك ضغط مرتبط بالمخاوف بشأن إيران، مثل تورط إيران في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ولكن ذكر المسئول بأن المُفاوضين يحاولون إبقاء القضايا الأخرى خارج المناقشة.

كما صرح المسئول بأنه: ” لا تزال لدينا مخاوف كبيرة بشأن بعض الجوانب في السياسة الإيرانية. ولكننا مصرّون أيضًا على عدم السماح لتلك المخاوف أن تقف في طريق مصلحتنا الوطنية في اتخاذ خطوات لضمان عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية.”

البريد الإلكتروني: zbiggs@defensenews.com.

 

Read in English

...قد ترغب أيضا