سياسة نقل الأسلحة الجديدة تُثير الجدل حول تأثيرها

Controlling Sales: US sales of M1 tank kits to Egypt became controversial following last year’s military coup. (US Army)

السيطرة على المبيعات: أصبحت مبيعات الولايات المتحدة لمجموعة دبابات M1 إلى مصر مثيرة للجدل خاصة بعد الانقلاب العسكري العام الماضي. (الجيش الأمريكي)

واشنطن – أعلنت إدارة “أوباما” الأسبوع الماضي أنها راجعت سياسة مبيعاتها من الأسلحة، مؤكدًة على “ضبط النفس” لضمان عدم وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ أو أن يتم توجيهها ضد المدنيين من قِبل الحكومات. ويأتي ذلك نتيجة الخلاف بين أعضاء الكونجرس والإدارة حول سرعة المبيعات إلى الحكومة العراقية التي تحاول مكافحة العنف المتزايد.

 وقد بدأت عملية مراجعة سياسة مبيعات الأسلحة منذ عدة سنوات، بعدما ألقي الربيع العربي بدول الشرق الأوسط في فترة انتقالية وعدم استقرار. وأثار هذا العديد من التساؤلات حول المبيعات الأمريكية لمصر والتي أدت إلى تغيير في المساعدات العسكرية وشكوكًا جديدة حول مبدأ أساسي من مبادئ نظرية مبيعات الأسلحة وهو أن: الأسلحة تشتري النفوذ.

 في حين يواجه الجيش المصري العديد من المشكلات بصورة متكررة في السيطرة على المعارضة السياسية، ويصل الأمر إلى العنف، تصبح السيطرة التي يمكن أن تمارسها الولايات المتحدة موضوعًا مثيرًا، حيث تُعد مصر ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية. وحذر مسؤولون في الإدارة ومحللون من أن المعادلة البسيطة للسيطرة على تبادل الأسلحة تم تبسيطها بشكل مُفرط، مع الفشل في مراعاة الاختلافات الرئيسية في مختلف الدول والأهداف السياسية لكل دولة.

 وصرح “توم كيلي” القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية بأن: “أحد أهم المكاسب التي يمكن أن تحققها مبيعات الأسلحة هي العلاقات التي يتم بناؤها.”

 كما ذكر “كيلي” أنه: “عندما تقرر دولة شراء نظام دفاع متطور من الولايات المتحدة، فإنها لا تشتري مجرد مُعدات حديثة، ولكنها بالأساس تقوم بعمل التزام طويل الأجل من الممكن أن يمتد لمدة 40 عامًا للعمل مع الولايات المتحدة بطريقة وثيقة لفترة طويلة جدًا في منطقة تعتبر هي الجزء الأكثر حساسية للسياسة الوطنيةـ وسياسة الدفاع والأمن.” وقال “كيلي” أنه: “عندما نتخذ هذا القرار، فنحن نلتزم أيضًا بالسياسة الخارجية لهذه الدولة، وهذا هو السبب في أن هذا الموضوع هو في حد ذاته جزء من عملية السياسة الخارجية.”

 وقال: “أن هذا يجعل من السهل الإمساك بالهاتف وبناء علاقة مع أي حليف.”

 وأوضح “كيلي” أن: “هذا الأمر يعزز فرص الاتصال بين الناس، سواء على الجانب العسكري أو غير العسكري للحكومة.” وأكمل قائلًا: “عندما تشتري طائرة مقاتلة، سوف يعود الطيارون إلى الولايات المتحدة من أجل التدريب. كما أنهم سيعملون مع مدربين أمريكان في بلادهم أيضًا. وسوف تتسنى لهم الفرصة للتعرف علينا بطريقة أكثر عُمقًا مما كانوا يتخيلوا لو اشتروا نفس هذا النظام من دولة أخرى.”

 كما أدت تلك الأنواع من العلاقات في مصر إلى انتقادات للإدارة لعدم بذل المزيد من الجهد لمنع قتل بعض المتظاهرين في البلاد. وقال “مايكل أوهانلون”، أحد كبار الباحثين في معهد بروكينغز:” هناك حدود لكمية التأثير التي يمكن أن تنتج عن المساعدات.”

  وقال أيضًا: “تعطي المساعدات التأثير والنفوذ، طالما أنك لا تتجاوز الحدود، ولا تبالغ في تقدير هذه النفوذ.” وأكمل أوهانلون: “في مصر، لا تعتبر مساعداتنا عاملًا رئيسيًا في حسابات النظام لأن مصر تتلقي الكثير من الأموال السعودية، ولكن العلاقات معنا مهمة للغاية، لذلك لا يجب أن نُقلل من قدر نفوذنا أيضًا.”

 التشديد على ضبط النفس

 في حين أن فرصة بناء علاقات وثيقة مع الدول تعتبر أمرًا مرغوبًا فيه، إلا أنه توجد تداعيات مُحتملة لقرار المبيعات. فمن الممكن أن ينتج عدم الاستقرار عن وقوع أسلحة متطورة في الأيدي الخطأ، أو تُستخدم ضد جماعات المعارضة المدنية، أو حتى تتسبب في صراعات إقليمية.

 وذكر كيلي أنه: “سوف تكون هناك حالات عندما تبيع الأسلحة فيها إلي دولة معينة، يمكن أن تتشجع هذه الدولة على استخدام تلك الأسلحة في اقتناص حقها من دولة أخرى وربما يؤدي هذا الأمر إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.”

 وأوضح أن: “على الولايات المتحدة مسئولية لإظهار ضبط النفس في نقل هذه الأسلحة، وفق شروطها الخاصة لتشجيع الدول الأخرى أيضًا على إظهار ضبط النفس، وللتأكد من أن هذه الأسلحة لا تهدد الأمن الدولي.”

 وكان هذا التركيز على ضبط النفس أحد أهم التغيرات الرئيسية التي أُدخلت على سياسة نقل الأسلحة المُتعارف عليها والتي أُعلنت الأسبوع الماضي.

 كما وافق الرئيس “باراك أوباما” في 15 يناير على أول تحديث لسياسة نقل الأسلحة منذ عام 1995.  وتحدد الوثيقة العوامل التي تفكر فيها وكالات الحكومة الأمريكية عند النظر في صفقات الأسلحة المُحتملة.

 تعتبر تعليمات سياسة نقل الأسلحة لعام 1995 سرية للغاية، ولكن يقول الكثيرون ممن هم على اطلاع بعملية التحديث أن الكثير من معايير التقييم ظلت كما هي، مع بعض التركيز الإضافي علي عدم وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ أو استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان. وتم الإعلان عن نص السياسة المُعَدَّل.

 وركزت معظم التغييرات على تحديث اللغة القديمة في تعليمات سنة 1995 والتي ركزت بشكل كبير علي أثر حل الاتحاد السوفيتي.

 يقول “أندرو شابيرو” مساعد وزير الخارجية السابق، والذي تم الدفع به لمراجعة سياسة نقل الأسلحة بعد الربيع العربي، “أدهشني كم كانت هذه السياسة قديمة!”

 وأوضح شابيرو قائلًا: “وكان السطر الأول الذي خرج من هذه المراجعة ينص على أن العوامل التي نفكر فيها بخصوص مبيعات الأسلحة لدينا هي الصحيحة. “عدم الانتشار، وحقوق الإنسان، وإطلاق التكنولوجيا، وأثر القوي المحرّكة الإقليمية،” كل هذه المسائل يتعين النظر فيها عندما يتعلق الأمر بنقل الأسلحة، وانعكست هذه المسائل في السياسة القديمة.”

 والتعليمات واضحة بشأن ضرورة ضبط النفس.

 تنص التعليمات على أنه: ” تدعم سياسة الولايات المتحدة لنقل الأسلحة عمليات النقل التي تلبي المتطلبات الأمنية المشروعة لحلفائنا وشركائنا وفي دعم الأمن القومي ومصالح السياسة الخارجية.” هذا إلى جانب أنه: ” في نفس الوقت، تدعم السياسة عملية ضبط النفس، سواء من جانب الولايات المتحدة أو مُوردين آخرين، في عمليات نقل أنظمة الأسلحة، والتي قد تتسبب في زعزعة الاستقرار أو تمثل خطرًا على السلام والأمن الدولي.”

 لما هذا الحذر الشديد؟

 أثار التركيز على أهمية صناعة القرار بعض القلق في هيئة الدفاع عن المجتمع، حيث أن تطبيق هذا المفهوم لا يزال غير معروف.

 وفي تصريح له قال أوهانلون: ” لو أن ضبط النفس يعني أن الإنسان يجب أن يفكر مرتين دائمًا، ويوازن بين الدوافع التجارية في مقابل مخاوف سباق التسلح، فهذا مبدأ جيد.” وأضاف:” ولكن إذا أساء تفسير هذا المبدأ ليعني أن الأقل هو الأفضل دائمًا، سيكون هذا شيئًا مؤسفًا، لأن هناك أوقات تحتاج الدول المُهدَّدة إلى القيام ببعض التعزيزات العسكرية، كما أن هناك طرق كثيرة تسلكها تجارة المعدات الدفاعية ضمن التحالفات وهي طرق سليمة تمامًا.”

 وقد أثار البعض في مجال الصناعات الحربية صخبًا حول عملية المبيعات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة — وعن الطريقة التي تُباع بها الأسلحة إلى الدول الأخرى — والتي يرونها تسير ببطء بسبب الحذر المُفرط.

وصرحت السيدة “إيلين”، الرئيس التنفيذي لشركة Textron Systems، في حدث استضافته مؤسسة المجلس الأطلسي، “أنا أعتقد أن هناك خوف كبير من الفشل، وخوف من المخاطرة في العملية الآن، ولذلك في حالة الشك، تجد كل شخص يقوم بعمله بنسبة 110%.”

 وقالت “إيلين” بأن التأخير في عملية نقل الأسلحة، وخاصة عمليات التفتيش المتكررة، يضر بقدرة هذه الصناعة في توصيل الأسلحة إلى الحلفاء.

 كما أضافت: “عندما ترجع إلى الوراء وتنظر للأمر من منظور شمولي لتفهم الصورة الكبيرة، تسأل ما الذي نحاول القيام به في الولايات المتحدة؟ نحن نحاول تمكين شركائنا في جميع أنحاء العالم من أن يتمتعوا بالأمن عن طريق شراء منتجاتنا، ومع ذلك نحن نكبح رغبتهم في الحصول على هذه المنتجات.”

 بجانب الانتقادات التي توجه لهذه الصناعة، فقد أخذت عملية المبيعات العسكرية الخارجية نصيبها من الانتقادات في الكونجرس أيضًا. لقد جاء رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن وطلب الحصول على مزيد من الأسلحة؛ وبعدها رأينا أعمال العنف تتصاعد في العراق بعد مرور شهر، الأمر الذي أثار الجدل داخل الكونجرس. كما تكمن الرغبات المُتصارعة — كأن تقوم بتسليح دولة وفي نفس الوقت تضمن استخدام الأسلحة على النحو المقصود منها — في العديد من الصفقات التي يتم مناقشتها، وخاصة لدول الشرق الأوسط.

 وصرح “كيلي” بأنه: “يوجد بعض التوتر في هذه الصفقات بدرجة ما، وهذا يعني أن صناع السياسات بحاجه إلى التفكير في هذه العوامل بطريقة تداولية، وبالتشاور مع شركائنا في الكونجرس عندما نكون بصدد اتخاذ القرارات.”

 البريد الإلكتروني: zbiggs@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا