منع داعش من الوصول إلى فلسطين

 

يصر الزعيم الفلسطيني محمود عباس على أن السلطة التي يترأسها سوف تبقى لترى قيام دولة ذات سيادة إلى جانب إسرائيل. ومع ذلك، فإن المقربين من عباس يحذرون من أنه دون تدخل العالم لإحياء آفاق السلام بين الدولتين، فإن الدولة المستقبلية على الحدود مع إسرائيل يمكن بسهولة أن تحمل العلم الأسود لدولة الخلافة الإسلامية.

يصر الزعيم الفلسطيني محمود عباس على أن السلطة التي يترأسها سوف تبقى لترى قيام دولة ذات سيادة إلى جانب إسرائيل. ومع ذلك، فإن المقربين من عباس يحذرون من أنه دون تدخل العالم لإحياء آفاق السلام بين الدولتين، فإن الدولة المستقبلية على الحدود مع إسرائيل يمكن بسهولة أن تحمل العلم الأسود لدولة الخلافة الإسلامية.

رام الله، الضفة الغربية – بعيدًا عن الولاء الذي لا يتزعزع لمحمود عباس والالتزام المشترك تجاه المقاومة بغير العنف للاحتلال الإسرائيلي، فإن اثنين من كبار المستشارين والخلفاء المحتملين للزعيم الفلسطيني البالغ من العمر 80 عامًا يختلفان معه تمامًا.

صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين لفترة طويلة، وهو سياسي واسع المعرفة تلقى تعليمه في الغرب وضيف مألوف على استوديوهات التلفزيون المتحدثة الإنجليزية والندوات الدولية، حيث يتعامل بأريحية مع ناخبيه الذين يمثلهم في البرلمان الفلسطيني من مسقط رأسه أريحا.

اللواء ماجد فرج هو رئيس القوي لمخابرات عباس، أو جهاز المخابرات العامة. ولد في مخيم الدهيشة للاجئين لـ “عائلة بسيطة للغاية” – على حد قوله – وترقى فرج من خلال الرتب كجندي في الظل، ولأول مرة في التنظيم، الجناح المسلح لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعد ذلك في جهاز الأمن الوقائي التابع لمنظمة لسلطة الفلسطينية منظمة التي تشكلت في أعقاب اتفاقات أوسلو عام 1993.

وعلى عكس عريقات، فإن فرج ليس محنكًا في الظهور في وسائل الإعلام. حيث يقول أنه لا يُجري مقابلات مسجلة، وهذه هي أولى مقابلاته.

لن تجد أي صفحات على ويكيبيديا عن الرجل، الذي -حسب روايته – “قضى سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية مثل إخوانه” قبل أن يصبح قائد جهاز الأمن السياسي في محافظة بيت لحم ومن ثم رئيس المخابرات العسكرية.

قُتل والد فرح على يد القوات الإسرائيلية في عام 2002، في سن الثانية والستين، في عملية ناجمة عن موجة من التفجيرات الانتحارية في جميع أنحاء إسرائيل. ويروي فرج قائلاً “”أصيب في بيت لحم عندما كان ذاهبًا لشراء الحليب والخبز، لقد ظنوا أنه يحمل قنبلة.”

أهمل الجنرال الإشارة إلى أن والده قد انتهك حظر التجول في ذلك الوقت، أو أنه قُتل بمدفع رشاش إسرائيلي ثقيل، مما جعل من المستحيل تقريبًا جمع كل ما تبقى من جسده في الكفن.

في أوائل الشهر الماضي، قُتل ابن أخت عريقات البالغ من العمر 37 عامًا، مازن عربي، وهو ضابط تحت قيادة فرج، برصاص جنود اسرائيليين بعد أن زعموا أنه فتح النار من مسدسه المرخص عند نقطة تفتيش مما أسفر عن إصابة اثنين.

وشهد الحدث الذي وقع في 3 ديسمبر انتكاسة أخرى لمشروع المقاومة اللاعنفية التي جاء ليجسدها عريقات، مفاوض السلام السياسي رفيع المستوى، وفرج، الرجل السري القوي في الأمن، كلٌ بطريقته الخاصة.

في محادثات بعد وفاة عربي بأسبوعين وبعد أربعة أشهر من بدء أحدث موجة ما يسمى بإرهاب الذئب المنفرد – الذي قُتل خلالها 29 إسرائيليًا ونحو 160 مهاجمين فلسطيني أو الجناة المشتبه بهم في حوادث طعن، وصدم بالسيارات، وعمليات إطلاق نار بين الحين والآخر – واشترك الرجلان في تكهنهما الغامض بشأن ما هو قادم من إراقة الدماء.

بالنسبة لعريقات، فإن عربي، ابن أخته الذي كانت وظيفته احتواء العنف من خلال التنسيق مع أجهزة الأمن الاسرائيلية قبل يوم مقتله في ديسمر – كان بمثابة نوعٍ من الفشل الشخصي.

ويرتجف حين يُحصي بيانات نهاية العام من خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله.

يقول عريقات “ثمانية وستون بالمائة يريدون استقالة أبو مازن” مستخدمًا الاسم الحركي لعباس، زعيم السلطة الفلسطينية. “سبعة وستون بالمائة يدعمون استخدام السكاكين؛ 66 بالمائة مقتنعون بأن قيام انتفاضة مسلحة أخرى سيخدم المصالح الوطنية بطرق لا يمكن للمفاوضات تحقيقها … ومع هذه الأرقام، نحن بحاجة إلى استراتيجية للخروج. لم تُعطى حكومة أخرى الوقت ولا الصبر ولا الفرصة لتحقيق تقدم من خلال المفاوضات كما أعطيت أنا. وليس لدي ما أظهره لها.”

تترك قصة ابن أخت عريقات بداخله إحساسًا بعدم جدوى صراعه السيزيفى المتمثل في التوفيق بين الالتزام السلطة الفلسطينية تجاه اللاعنف والنار المحتدمة في الشوارع الفلسطينية.

ويقول “إذا لم يكونوا يريدون ما أطلب منهم القيام بها، فأعتقد أنني بحاجة إلى اتخاذ قرار شخصي. لكن ما يقلقني هو أنني إذا عقدت مؤتمرًا صحفيًا اليوم وقلت “لقد انتهى الأمر، فإنني سأكون كما يطلق الرصاص على رأسه، ونسبة الـ 66 بالمائة التي تريد مقاومة مسلحة سوف تصبح 99 بالمائة.”

ومما زاد الطين بلة بالنسبة لعريقات على المستوى الشخصي هو السخرية التي تلقاها من وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد أن وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء كبار بالحكومة – غير مدركين على ما يبدو للصلة الأسرية – المطالبة بتعزية المسؤول بأنها تعاطف مع الإرهاب، وهو دليل آخر على أن السلطة الفلسطينية تحث على العنف.

“ذهبت إلى بيت أختي وقلت لها أنه خطأي. لقد فشلت. لقد خُدعت… لقد قتلنا حلم حل الدولتين. لمدة 22 عامًا، كنت أقول لشعبي ألا يستخدم العنف، فقط المفاوضات. أنا أعترف بإسرائيل. وماذا أخبرني هؤلاء الناس – عائلتي – في العزاء؟ لقد قالوا: “صائب، نحن نحبك. لكن كان هناك 200 ألف مستوطن حين بدأنا، واليوم هناك 600 ألف مستوطن. واشنطن لا ترانا. واشنطن لا تستمع إلينا. إنهم يسمحون بمعاملة إسرائيل على أنها فوق قانون البشر.”

بالنسبة لفرج، فإن الحدث كان بمثابة تذكير له بأنه حتى الضباط الشباب الواعدين – والمدربين جيدًا والمنضبطين والمحنكين – هم نتاج بيئتهم؛ أبناء شوارع هذا البلد. وعندما تتحول تلك البيئة إلى اليأس؛ عندما تحترق الشوارع بالغضب، فإن أفضل الأبناء الذين يسميهم “المشروع السياسي الفلسطيني” يمكن أن يتحولوا إلى أشقياء.

عنوان فرعي: سلطة واحدة بندقية واحدة

ومع ذلك، يصر فرج على أن هذه الأحداث لا تزال حالات شاذة. السياسة الأساسية للسلطة الفلسطينية “سلطة واحدة وبندقية واحدة “التي تحكم حوالي 30 ألف من قوات الأمن الممولة أوروبيًا وأمريكيًا في الضفة الغربية لن يقوضها أفراد يختارون العمل ضد الجماعة.

يقول فرج “هناك فرق بين أفعال الفرد والجماعة، في بعض الحالات، قد نرى الأفراد يتصرفون … وحتى اليوم، نحن حقا مؤسسة مستقرة. وسوف نستمر في القيام بعملنا. ولكن نحن حقًا في مفترق طرق. فنحن نعتبر أنفسنا عاجزين عند غزو الإسرائيليين للمكان الذي نعيش فيه … ماذا يمكنني أن أقول لضباطي والشعب الذي نحن من المفترض أن نحميه؟”

استشهد بحدث وقع في نوفمبر تشرين الثاني عندما داهم أكثر من عشرين من العملاء السريين الإسرائيليين مستشفى الخليل وقتلوا أحد أفراد عائلة غير متورط كان يزور رجلهم المطلوب، وهو ناشط من حماس يبلغ من العمر 27 عامًا قُتل خلال هجوم على مستوطن إسرائيلي. الحدث الذي وقع في 12 نوفمبر، كما في الغارات الليلية في أنحاء الضفة الغربية – بما في ذلك في المنطقة “أ”، القسم المحدد ظاهريا تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية وفقًا لاتفاق أوسلو – طالبت القوات الإسرائيلية نظرائهم الفلسطينيين بالتنحي بينما يؤدون مهمتهم في القبض على أهداف معينة وقتلها، في كثير من الأحيان على مرأى من المارة الأبرياء.

ويقول فرج: “عندما تكون قواتنا الأمنية خارج المستشفى، ويتم إجبارها على الانسحاب، هذا له صدى سيئ جدًا عند الجمهور الفلسطيني، أي تصرف إسرائيلي مع الفلسطينيين يخلق مشاكل خطيرة بالنسبة لنا، إنهم يبدون كما لو أنهم يهاجمون [جهاز الأمن الوقائي].”

ويشير فرج إلى أن تقريبًأ جميع مرتكبي الجرائم الفلسطينيين في أحدث هجمات الذئب المنفرد ضد الإسرائيليين هم من منتجات من جيل ما بعد أوسلو، حيث إن أكثر من 55 في المئة من سكان الضفة الغربية تحت سن الـ 30. وقال بأسف “نحن مجتمع من الشباب … كنا نظن أن هؤلاء الناس لديهم عقلية مختلفة – عقلية السلام”.

“إن الناس في الضفة الغربية قد أعطونا سنوات عديدة لمشروعنا السياسي. لقد أعطونا الوقت للتفاوض على دولة واحدة، وسلاح واحد. لقد دعمونا. ولكن في هذا المرة، فنحن في المؤسسة الأمنية شهدنا ثلاث حروب في غزة، واستمرار للجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية والاجتياحات الإسرائيلية شبه اليومية. ليس هناك أمل في أفق سياسي … ويضيف فرج “ليست لدينا دولة، وإنما هي دولة من [اليهود] المستوطنين”.

لا بد من الإشارة إلى أن نتنياهو، ظاهريًا، لا يزال يصرح بدعم حل الدولتين، وإن لم يكن ذلك في ظل ظروف الإقليمية والمحلية الحالية، مع العنف في الداخل والدولة الإسلامية خارج حدودها. لكن أعضاء بارزين في حكومته الائتلافية الدينية القومية المتشددة يصرون على أنه لن يحدث أبدًا.

يصر فرج وعريقات على حد سواء على أنه ليس هناك بديل عن حل الدولتين – مثل وزير الخارجية الأميركية جون كيري وأكثر الأصوات البارزة في المعارضة الإسرائيلية. وهم يؤكدون أن السلطة الفلسطينية غير مستقرة في ظل الظروف الراهنة، وأن إسرائيل يجب أن تفعل المزيد لمنع انهيارها.

وقال كيري لجمهور منتدى سابان مطلع الشهر الماضي “هناك أسئلة مشروعة وهي إلى متى سوف تبقى السلطة الفلسطينية قائمة إذا استمر الوضع الحالي. تذكروا كلماتي. إن فرص انهيارها تزداد كل يوم.”

الفوضى أم الانهيار؟

قال آفي يسسخروف* – المحلل الأمني الشؤون العربية والمشارك في إعداد مسلسل تلفزيوني محلي باسم “فوضى” – أن السلطة الفلسطينية قد لا تنهار كلها دفعة واحدة، كما في سيناريو كيري.

ولكنها على الأرجح سوف تتفكك تدريجيًا إلى فوضى.

ويقول يسسخروف إنها عملية بدأت بالفعل، والشيء الوحيد الذي يُبقيها متوحدة هو ولاء قوات السلطة الفلسطينية لعباس والتنسيق الأمني المستمر مع إسرائيل.

وأضاف يسسخروف “إنها ليست مسألة لو، بل متى” ستزول السلطة الفلسطينية. “وإذا كان الناس يعتقدون خلاف ذلك، فإنها هلوسة.

يمكن أن نرى في المرة القادمة تبادلاً لإطلاق النار بين الإسرائيليين والشرطة الفلسطينية. أو في المرة القادمة يكون هناك حادث منعزل – مثلما حدث مع مازن العربي – عندما يتم اتخاذ قرار مفاجئ لمهاجمة الإسرائيليين. هناك الكثير من الطرق التي يمكن أن تسير فيها الأمور في طريق لا رجعة فيه، إنني متشائم جدًا.”

وفقا لكيري، فإن انهيار السلطة الفلسطينية لن يؤدي إلى حل دولة واحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. بل يحذر كبير الدبلوماسيين الأمريكيين من أن ذلك سيؤدي إلى حرب.

وبالمثل، يصر كيري على أن عباس – “الشخص رقم واحد الذي يلتزم بنبذ العنف” – لا بد من تمكينه للتعامل مع التحديات الداخلية فضلاً عن التحديات الخارجية الناتجة عن الظروف الإقليمية.

يقول كيري “إذا كان أبو مازن يزداد ضعفًا، فإنني أعتقد أن هذا يشكل خطرًا على إسرائيل … هذه ليست قضية مجردة يمكن تأجيلها ليومٍ بعيد، فالحقيقة أن الاتجاهات الحالية، بما في ذلك العنف، والاستيطان، والهدم تهدر إمكانية تحقيق حل الدولتين. وهذا التوجه يجب أن يُعكَس لمنع واقع الدولة واحدة هذا الذي لا يمكن الدفاع عنه من الإمساك بزمام الأمور”.

وبينما يصر كيري أيضًا على أن عباس وكبار مساعديه يجب أن يقدموا المزيد لإنهاء التحريض، فإن عريقات يقول أن السلطة الفلسطينية لا يمكنها وقف أعمال الذئب المنفرد في الضفة الغربية كما لا يستطيع نتنياهو السيطرة على التصرفات المنعزلة من الإرهاب اليهودي أو على شاب يحمل سكينًا من القدس الشرقية، حيث لا تسيطر إسرائيل على الأمن فحسب، ولكن على محتوى المناهج الدراسية.

عندما سُئل لماذا لم ينضم عباس والسلطة الفلسطينية إلى طلب نتنياهو بأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية مع الحق في العيش في سلام وأمن، قال عريقات أن الكلمات الناعمة تناقض حالة السخط الشديد.

“لقد اعترفت بدولة بحق إسرائيل في الوجود على طول خطوط 1967 على 78٪ من فلسطين التاريخية. لقد اعترفت بحقهم في مقايضة [الأرض]، وفي وجود طرف ثالث على أرضي لضمان التزامنا بالاتفاقيات. لكن يهودية دولة إسرائيل ليس أمرًا يخصني.”

يدعي عريقات أن حكومة نتنياهو تحاول إعادة صياغة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أنه صراع ديني؛ وهو الأمر الذي قال إنه غير صحيح في يومنا هذا، ولكنه يمكن أن يصبح نبوءة تحقق ذاتها بذاتها. ويصر على أن “هذا صراع سياسي على الحدود والماء واللاجئين والحياة اليومية، ولا علاقة له بالله أو بالدين. نحن الفلسطينيين لا ننظر إلى اليهودية باعتبارها تهديدًا، إنها واحدة من ديانات الرب العظيمة”.

وأشار عريقات في إشارة تهكمية إلى الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي أعاد تسمية بلاده الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى إلى أن نتنياهو يمكن أن يعيد تسمية بلاده دولة إسرائيل اليهودية، إذا اختار ذلك.

“كل الاتفاقات التي وقعتها كانت مع دولة إسرائيل، وهو الاسم الرسمي المسجل لدى الأمم المتحدة. الآن إذا أراد السيد نتنياهو إعادة تسمية بلاده في المملكة اليهودية المقدسة الداوودية التي عمرها 5766 أو أيا كان، وقال إنه يمكنه تسجيلها على هذا النحو. ولكن لا تطلب مني تحديد طبيعتك”.

ويرى عريقات أن السلطة الفلسطينية قد تدمرت جوهريًا بالفعل، إلى جانب الوعد بحل الدولتين.

“الشيء الوحيد الذي سوف يعطيني الأمل هو إذا الرئيس أوباما صامدًا وانتقل إلى الاعتراف بدولة فلسطين. خلاف ذلك، فإنك لا تعترف لي، ولا تسمح لي بالذهاب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة؛ ولا تسمح لي بالذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية، بل إنك تحجب أموالي [المساعدة الأمنية الأميركية]. ماذا تريد مني بحق الحجيم؟”

ويحذر من أن سقوط السلطة الفلسطينية ليس يؤدي إلى بزوغ حماس، حسبما أشار آخر استطلاع للشقاقي من أنها ستفوز على عباس بشكل واضح إذا عُقدت انتخابات رئاسية اليوم. بل يقول عريقات أن القوة التي ستجتاح لاستمالة الفوضى والعنف في أعقاب زوال السلطة الفلسطينية ستكون هي داعش.

يقول ضابط إسرائيلي رفيع المستوى يتعامل بانتظام مع كلٍ من عريقات وفرج أنه “يدرك جيدًا” المقولات الفلسطينية الحالية التي تقول أنه إذا كانت إسرائيل لا تستطيع التعايش مع السلطة الفلسطينية، فسيكون عليها التعايش مع الدولة الإسلامية. ويقول “أنا أفهم ادعاءهم بأن البديل للسلطة الفلسطينية هو داعش، لكن بدايةً، لا أرى أن السلطة ستنهار قريبًا.

وأضاف الجنرال الذي رفض ذكر اسمه “وثانيًا، إذا حدث فراغ في السلطة، فلن تملأه داعش فورًا، هناك تنظيم حماس.”

ومع ذلك، فقد اعترف بأنه “في نهاية المطاف، لا قدر الله، يجب علينا النظر في التهديد داعش”.

ينفي عريقات مسألة ما إذا كانت العودة إلى المفاوضات دون شرط عباس المسبق المتمثل في تجميد الاستيطان يمكن أن يخفف من شعور الإحباط بين شعبه. لقد مضى أكثر من خمس سنوات منذ اجتمع عباس ونتنياهو علنًا لاجراء محادثات. ويقول أن كل جولة خاسرة تصل بنا إلى أعماق جديدة من اليأس. ويقول أن الصور التذكارية الفارغة بين الرئيس الفلسطيني  ورئيس الوزراء الإسرائيلي ستؤدي بكل بساطة إلى تأجيج نيران الغضب الشعبي.

يقول عريقات “نتنياهو يبذل قصارى جهده لإضعافنا، ولكي يجعلنا نبدو سيئين للغاية في أعين شعبنا، ولكي يدمير النسيج الاجتماعي للفلسطينيين المعتدلين، ما يحدث في الشوارع اليوم هو مجرد غيض من فيض، هؤلاء الفلسطينيين الذين يجري استجوابهم في استطلاعات الرأي العام غاضبون جدًا، وقريبًا جدًا سيتم توجيه هذا الغضب إلينا، إنه قادم”.

يحذر فرج أيضًا من أن زحف التطرف الديني يشكل خطرًا واضحًا وقائمًا، ليس فقط للسلطة الفلسطينية، ولكن للأردن وإسرائيل في نهاية المطاف. ووفقًا لتقييم فرج، فإن أكثر من 90 في المئة من الفلسطينيين يرفضون تطرف داعش، وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة، ويعزو هذا الرفض إلى حد كبير لعباس.

الآن عدد الفلسطينيين الذين يدعمونهم هامشي جدًا، وهذا نجاح لأبو مازن. لقد غير الثقافة. “ولكن إذا قررت داعش أو غيرها من الجماعات المتطرفة محاربة إسرائيل، فسوف تجد تعاطفًا في الشارع العربي “.

بصفته رجل السلطة الفلسطينية المسؤول عن التواصل مع الأمريكيين والأوروبيين وقادة المخابرات والأمن الإقليميين والدوليين، فإن فرج يراقب عن كثب انتشار الراديكالية إقليميًا. “داعش على حدودنا، هم هنا بعقيدتهم؛ وهم يتطلعون إلى إيجاد أرضية مناسبة لإقامة قاعدتهم. ويحذر “لذا، يجب علينا منع الانهيار هنا، لأن البديل هو الفوضى والعنف والإرهاب،

نحن، جنبًا إلى جنب مع نظرائنا في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، مع الأميركيين وغيرهم، نحاول جميعًا منع ذلك الانهيار، الخبراء جميعهم يعلمون أنه في حالة الانهيار، سوف يتضرر الجميع … فهم موجودون بالفعل في العراق وسوريا وسيناء ولبنان والأردن، ولكن رام الله وعمان وتل أبيب يجب أن تبقى محصنة ضدهم”.

سد الهوة السياسية

يصر فرج، مثل عريقات، على السلطة الفلسطينية تتصرف وفق مصالحها الخاصة ولا تقدم أي خدمة لإسرائيل بتمسكها بالمقاومة اللاعنفية. يقول فرج “نحن متأكدون من أن العنف والتطرف والإرهاب يضر بنا. إنه لن يقربنا من تحقيق حلم الدولة الفلسطينية.

وبصرف النظر عن التهديد المباشر من حماس وغيرها من الجماعات المتطرفة المعارضة لسياسات السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها منظمة التحرير الفلسطينية، يرى فرج أن التنسيق الأمني هو الجسر الذي يمكنه الحفاظ على جو لائق حتى عودة السياسيين إلى محادثات جادة.

ويصر على أنه منذ أكتوبر، منعت مخابرات السلطة الفلسطينية وقوات الأمن 200 هجمة ضد إسرائيليين، وصادرت أسلحة واعتقال نحو 100 فلسطيني – وهي ادعاءات لم يتم إنكارها جملة وتفصيلاً، ولكن لم يتم تأكيدها من قبل الجيش الإسرائيلي.

ولكن على عكس عريقات، الذي يشكك في فائدة استمرار التنسيق الأمني ويخشى من أن يوصفوا بأنهم يمثلون مجرد غطاء لاستمرار الاحتلال، فإن فرج يصف نفسه بأنه مقاتل.

يقول فرج “قاتلنا لعدة عقود بطريقة مختلفة؛ والآن نحن نقاتل من أجل السلام … لذا سأواصل القتال للحفاظ على هذا الجسر ضد التطرف والعنف، الجسر الذي ينبغي أن يدفعنا إلى استقلالنا”

فقط طالما أنه ظل مقتنعًا بأنه ليس جسرًا إلى المجهول.

بريد إلكتروني: bopallrome@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا