زيادة الإنفاق الدفاعي السعودي وسط التحديات التي تواجهها الموازنة

استعراض عسكري أمني: مروحيات تابعة لقوات الأمن السعودية تحلق فوق عدد من وحدات الشرطة الخاصة أثناء القيام بعرض عسكري في مكة في 17 سبتمبر. (Photo: MOHAMMED AL-SHAIKH/AFP/Getty Images)

استعراض عسكري أمني: مروحيات تابعة لقوات الأمن السعودية تحلق فوق عدد من وحدات الشرطة الخاصة أثناء القيام بعرض عسكري في مكة في 17 سبتمبر. (Photo: MOHAMMED AL-SHAIKH/AFP/Getty Images)

دبي — تتقلص موازنة المملكة العربية السعودية بشكل كبير مع بلوغ أسعار النفط الخام لأقل من 50 دولار للبرميل في الأشهر الأخيرة. ولكن على الرغم من التخفيضات والتحديات المالية، فإن المخاوف الخارجية والداخلية الحالية تدفع المملكة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي.

المملكة، التي تشارك في عمليات جوية وبرية وبحرية على حدودها الجنوبية مع اليمن إلى جانب حلفائها في الخليج، الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين، تقوم أيضًا بقصف متطرفي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

علاوة على ذلك، يشير محللون إلى أن الإنفاق على الأمن الداخلي ازداد بشكل كبير من أجل التصدي لخطر الإرهاب.

وفي هذا الصدد قال ماثيو هيدجيس، المحلل العسكري المستقل لشؤون دول مجلس التعاون الخليجي، “دفع انعدام الأمن الداخلي السعوديين أيضًا لزيادة الإنفاق العسكري إذ يتطلعون لإخماد تلك المشكلة المتمثلة في التطرف العنيف”.

وأضاف هيدجيس، “لقد تعامل ولي العهد، الأمير محمد بن نايف، مع هذه القضية وهو محل ثقة أكبر حلفاء المملكة العربية السعودية”. “غير أنه في صراع على السلطة مع الملك سلمان و[وزير الدفاع] محمد بن سلمان. وهذا أدى إلى تفاقم هذه المشاكل، الأمر الذي خلق شعورًا بعدم الاستقرار في المملكة العربية السعودية”.

هذا ويتوقع المحللون أن يتسبب تراجع أسعار النفط في معاناة المملكة من أكبر عجز في الموازنة منذ عقود.

وفي تصريحات لموقع بلومبرغ الاقتصادي قال سيمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في بنك إتش إس بي سي لأوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، “إن انخفاض الإيرادات حاد للغاية لدرجة أنه من غير الواقعي أن نتوقع أن يكون لخفض الإنفاق أي أثر ملموس على عجز الموازنة في المدى القريب”. كما حذر أنه كلما طالت مدة بقاء أسعار النفط منخفضة، “كلما زاد الضغط على السلطات”.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز عجز الموازنة في السعودية 400 مليار ريال (107 مليار دولار) هذا العام، حيث يمثل النفط 81 في المائة من الإيرادات مقارنة بنحو 90 في المائة منها في السابق. كما يتوقع عجزًا بواقع 10 في المائة في الإنتاج الإقتصادي على مدى السنوات الأربع المقبلة.

ووفقًا لموقع بلومبرغ الاقتصادي، قال جان ميشال صليبا، الاقتصادي ببنك أوف أمريكا ميريل لينش، في تقرير له الشهر الماضي، “يمكن أن تتحمل المملكة العربية السعودية نظامها النفطي وحالتها الاقتصادية الراهنة في المدى القريب”. “ومع ذلك، فمن المرجح أن تصبح التكاليف الكلية المحلية لخياراتها الجامدة المتعلقة بالسياسات الاقتصادية العامة أكثر خطورة ووضوحًا”.

وقال ثيودور كاراسيك، المستشار البارز لدى مؤسسة تحليلات دول الخليج، أن المملكة تمول حربها وآلتها الأمنية بتدابير اقتصادية في الداخل تبدو شديدة القسوة.

وأضاف، “يُطلب من للموظفين والعاملين في جميع القطاعات ربط الأحزمة على البطون إذ تُخصص الميزانيات لوزارة الدفاع؛ إضافة إلى ذلك، بدأت المملكة في شهر أغسطس حملة جديدة لإصدار سلسلة من السندات الحكومية من أجل زيادة الأموال التي ستُخصص في نهاية المطاف لتلبية متطلبات الدفاع”.

هذا ويتكهن تحليل صادر في يونيو عن شركة آي إتش إس أن تظل التوقعات الخاصة بالإنفاق الدفاعي في المملكة العربية السعودية إيجابية.

وفي هذا الإطار قال كريج كافري، وهو محلل ميزانية الدفاع الرئيسية في قسم الفضاء والدفاع والأمن في شركة آي إتش إس جين، “على الرغم من تعرض المملكة العربية السعودية لتقلبات شديدة في أسعار النفط، إلا أنه لم تبرز سوى مؤشرات قليلة جدًا على إجراء أية تعديلات قاسية على التوجهات الخاصة بالإنفاق الحكومي”. وأضاف، “لقد خفضت المملكة من النفقات الدفاعية والأمنية مرة واحدة فقط على مدى السنوات الـ15 الماضية”.

وقد شهدت ميزانية الدفاع في البلاد توسعًا بمعدل حوالي 14 في المائة سنويًا خلال العقد الماضي، وتسارع هذا التوسع ليصل إلى حوالي 19 في المائة سنويا منذ عام 2011. وقال كافري، “نتوقع بالتأكيد تباطؤًا كبيرًا على المدى القصير ولكن لا تزال التوقعات على المدى الطويل قوية”.

ويتوقع قسم الفضاء والدفاع والأمن بشركة آي إتش إس أن يرتفع الإنفاق السعودي المخصص للدفاع إلى حوالي 60 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 عن إنفاقها الحالي المقدر بـ49 مليار دولار، الأمر الذي يجعلها حينئذ خامس أكبر منفق على الدفاع في العالم.

وتُعد الموافقة على طلب قُدم مؤخرًا لشراء تسع مروحيات من طراز UH-60 Black Hawk بقيمة 495 مليون دولار مثالاً على إنفاقهم المتزايد.

وقال كاراسيك أن هناك تدابير أخرى يُحتمل أن تُسن بما في ذلك تخفيض البدلات الأميرية.

وأضاف، “قد تكون هناك أيضًا عمليات بيع للأصول السعودية في الخارج؛ ولكن في الوقت نفسه، هناك تقارير تفيد بأنه هناك عمليات لهروب رؤوس الأموال السعودية بدأت تحدث نظرًا لارتفاع الذعر بشأن الوضع الأمني”.

كما يتوقع هيدجيس أن تواصل المملكة العربية السعودية تقليص الإنفاق العام من خلال تصفية أصولها في الخارج.

وأضاف، “لقد اضطرت إلى سحب كميات كبيرة من احتياطياتها وذلك في عملية لإصدار السندات العامة، كان معظمها تحت ستار الصكوك، إلى جانب السندات التي تتوافق والشريعة الإسلامية”.

واستطرد قائلاً، “قد وضع سعر برميل النفط المنخفض باستمرار العديد من الضغوطات الشديدة على الاقتصاد السعودي إذ إنه ليس متنوع بشكل جيد وأصابه الشلل من جراء التبذير في النفقات، لا سيما في القطاع العام”.

وقال هيدجيس أن عهد الملك سلمان، وابنه، محمد بن سلمان، قد شهد اتخاذ المملكة العربية السعودية مواقف عدوانية لا سيما في سياستها الخارجية.

وأضاف، “لقد نشبت الحرب التي تقودها السعودية في اليمن بعد شهرين تقريبًا من يوم تولي الملك سلمان السلطة، في إشارة إلى الشخص الذي دفع المنطقة إلى هذا الصراع”.

وأردف قائلاً، “لقد رفعت المملكة العربية السعودية تحت حكم الملك سلمان من مستوى التهديد الإيراني إلى مستوى أعلى. فالصلات بين إيران والحوثيين موثقة توثيقًا جيدًا ولكن لا بد من مراعاة توقيت الحرب بشكل أكبر في سياق احتمال رفع العقوبات المفروضة على إيران. وفي حين عززت إيران من قوتها في المنطقة، وتم ذلك أساسًا من خلال العراق وسوريا، تضررت المملكة العربية السعودية بشكل بارز من انخفاض اسعار النفط، الأمر الذي سيستمر حتمًا إذا كان من الضروري رفع العقوبات المفروضة على إيران”.

ويتوقع كاراسيك ألا تبخل العائلة السعودية في الإنفاق في ظل هذه الفترة التي تشهد فيها المملكة تحديات غير مسبوقة من قبل الجهات الفاعلة سواء كانت دولاً أو منظمات غير دولية.

وأضاف، “من الصعب تأكيد تقديرات حجم الميزانية الحالية تمامًا نظرًا لأن الصحافة السعودية تعطي أرقامًا معينة ولكن هناك الكثير من عمليات التداول النقدي التي لا تؤخذ في الحسبان”.

بريد إلكتروني: amustafa@defensenews.com

Read in English

...قد ترغب أيضا